اميركا تستعين بالذكاء الاصطناعي لمواجهة المسيرات

التهديد المتزايد للطائرات المُسيَّرة منخفضة التكلفة والمسلحة، أصبحت تشكل خطراً داهماً على القوات الأميركية في مناطق الصراعات، دفع البنتاغون للعمل على تطوير حلول مبتكرة لحماية الجنود. ومن بين هذه التقنيات الناشئة، ظهرت بندقية الذكاء الاصطناعي “بولفروغ” Bullfrog، التي تُعدّ نقلة نوعية في استخدام الأسلحة الصغيرة لمواجهة التهديدات الجوية بفعالية ودقّة لم يسبق لها مثيل.

“نص خبر”  ـ متابعة

تمّ الكشف عن هذه التقنية خلال حدث Technology Readiness Experimentation (T-REX) في آب (أغسطس) الماضي، حيث أظهرت التجارب قدرتها على إسقاط الطائرات المسيّرة الصغيرة باستخدام عدد قليل من الطلقات، ما يعكس إمكانياتها المذهلة.

يتميز نظام “بولفروغ”، الذي طوّرته شركة Allen Control Systems الناشئة، بتركيب رشاش عيار 7.62 ملم على منصّة دوّارة مجهزة بمستشعرات كهروضوئية وبرمجيات تعتمد على الذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية. هذا المزيج التكنولوجي يسمح للنظام باستهداف الطائرات المسيرة بدقة تتفوق على قدرات الجنود باستخدام الأسلحة التقليدية، وهو ما أثار إعجاب المسؤولين في وزارة الدفاع، الذين وصفوا النظام بأنه “منخفض التكلفة” وناجح بشكل كبير خلال التجارب. وقد أشار أليكس لوفيت، نائب مساعد وزير الدفاع للاختبار والتجريب، إلى أن النظام حقّق نتائج إيجابية للغاية، ما يمهد لاعتماده في المستقبل كأول سلاح ذاتي التشغيل ضمن ترسانة الجيش الأميركي.

انتشار متزايد للمسيرات

ومع الانتشار المتزايد للطائرات المُسيَّرة في النزاعات، كما ظهر جلياً في الحرب الروسية-الأوكرانية، تواجه الجيوش تحدّيات متنامية في التصدي لهذه التهديدات الجوية. تكلفة الحلول الحالية مثل الصواريخ الموجهة أو الأنظمة الليزرية مرتفعة للغاية مقارنة بتكلفة الطائرات المستهدفة، ما يجعل “بولفروغ” خياراً جذاباً بفضل بساطته وفعاليته. وقد صمم النظام لإسقاط طائرات صغيرة بحجم كف اليد على مسافة تصل إلى 200 ياردة بدقّة لا يمكن تحقيقها بواسطة الجنود، حتى الأكثر تدريباً.

بدلاً من الاعتماد على تحسين مهارات الجنود أو تطوير ملحقات إضافية للأسلحة التقليدية، يقدم “بولفروغ” حلاً مبتكراً يعتمد بالكامل على الأتمتة والذكاء الاصطناعي. وتستخدم هذه التقنية تقنيات التحكّم الحركي والبرمجيات المتطوّرة لتثبيت السلاح على الهدف بدقّة فائقة، ما يجعلها فعالة حتى في بيئات المعارك الصعبة. ووفقاً للمؤسسين، فإن النظام قادر على التعامل مع الأهداف الجوية السريعة والمتحركة بطريقة تزيل التعقيدات التي يواجهها البشر في مثل هذه الحالات.

مسألة حساسة

ومع ذلك، ورغم الإمكانيات الواعدة التي يقدمها هذا النظام، يظل موضوع الأتمتة الكاملة للأسلحة العسكرية مسألة حساسة، تثير العديد من التساؤلات الأخلاقية. فعلى الرغم من أن النظام يعتمد حالياً على وجود عنصر بشري في دائرة اتخاذ القرار لإطلاق النار، إلا أنه يتمتع بالقدرة على التشغيل الذاتي الكامل، ما قد يفتح الباب أمام استخدامه بشكل مستقل في المستقبل. ورغم الفوائد التقنية، يظل القلق قائماً حول إمكانية حدوث أخطاء في تحديد الأهداف، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً أمام تبني هذا النوع من الأنظمة.

وفي حديثه خلال مقابلته مع “النهار”، أشار مصطفى أسعد، مدير سابق للمشاريع الدفاعية الخاصة والباحث في الأمور العسكرية، إلى أن جميع دول العالم تتجه حالياً نحو تعلم الدروس من الحروب المفتوحة وطرق مواجهة الأخطار، مع استغلال التكنولوجيا وأنظمة الذكاء الاصطناعي التي لا تزال في مرحلة البداية. وأضاف قائلاً: “من تلك الأخطار مواجهة المسيرات الصغيرة الحجم واليدوية الصنع والموجهة بواسطة إشارات توجيه لاسلكية أو سلكية (فايبر أوبتك). في الآونة الأخيرة تم عرض كمية كبيرة من المنتجات في معارض التكنولوجيا العالمية، ومنها منتج من شركة Allen .

خاصية الرد الفوري

وأوضح أسعد أنه تم عرض “البرج الصغير الخفيف المسلح برشاش عيار 7,62 ملم والمجهز ببرنامج رصد وتعقب وتدمير”، والذي يتميز عن غيره بتوفير خاصية الرد الفوري عند رصد أي اختراق، ما يسمح بتدمير الهدف دون الحاجة لمشغل بشري، ما يضمن حماية فورية للمنشأة المراد حمايتها. وأضاف قائلاً: “في السابق كانت جميع الأجهزة المضادة للطائرات المسيرة في حاجة إلى رادار (أرضي وجوي) للقيام بالرصد، وكانت تلك التكنولوجيا عاجزة عن توفير فعالية في العديد من الحالات. يبدو أن نظام “بولفروغ” قد أزال عامل الرادار واستعاض عنه بشبكية بصرية ونظام تشغيل مرتبط ببرمجيات محدثة، وهو أمر بالغ الأهمية.”

وأشار أسعد إلى أن الأمور لا تزال في طور التجربة والتحديث حتى يتمّ قبول المنتج من قبل جيوش العالم، متوقعًا أن يشهد العالم قريباً الكثير من المشاريع الجديدة في هذا المجال نظراً لتحول أشكال الحروب وتطور القدرات العسكرية بشكل هائل في الوقت الحالي.

قد يعجبك ايضا