“نص خبر”-متابعة
نجح فريق من العلماء بالوصول الى خطوات كبيرة في حل لغز عمره عقودا حول أورانوس، أحد أكثر الكواكب غموضا في نظامنا الشمسي.
وتشير النتائج التي توصلوا إليها إلى أن أحزمة الكوكب الإشعاعية الضعيفة بشكل غير عادي قد تكون مرتبطة بمجالها المغناطيسي الغريب، والذي لا يشبه أي مجال آخر في جوارنا الكوني.
وعندما زارت المركبة الفضائية “فوييجر 2 “، التابعة لناسا أورانوس في يناير 1986، قامت بالعديد من الاكتشافات المحيرة، ووجدت أن أورانوس لديه مجال مغناطيسي يميل بنحو 60 درجة بعيدا عن محور دوران الكوكب، وهو غير متماثل إلى حد كبير، وهذا على عكس المجال المغناطيسي للأرض، والذي يكون أكثر توافقًا مع محور الدوران، وله شكل ثنائي القطب متماثل، مشابه للقضيب المغناطيسي.
واكتشفت “فوييجر 2” أيضا أن الأحزمة الإشعاعية حول أورانوس كانت أضعف بحوالي 100 مرة مما توقعه العلماء.
والأحزمة الإشعاعية هي مناطق تكون فيها الجسيمات المشحونة، مثل البروتونات والإلكترونات، محاصرة بواسطة المجال المغناطيسي للكوكب، فعلى سبيل المثال، أحزمة إشعاع الأرض، المعروفة باسم “أحزمة فان ألين”، أقوى بكثير وأكثر كثافة.
وقدمت الأبحاث الحديثة باستخدام عمليات المحاكاة الحاسوبية المستندة إلى بيانات “فوييجر 2” رؤى جديدة حول هذه النتائج غير العادية، وتشير الدراسة الحديثة المنشورة مؤخرا في دورية “جيوفيزيكال ريسيرش ليترز”، إلى أن أحزمة الإشعاع الضعيفة هي نتيجة مباشرة للمجال المغناطيسي غير المتوازن لأورانوس.
ولشرح ذلك، دعونا نتخيل طريقا سريعا تتحرك فيه السيارات (التي تمثل الجسيمات المشحونة)، فإذا كان الطريق السريع موحدا، فإن السيارات تسير بخطى ثابتة، ومع ذلك، إذا كانت بعض أجزاء الطريق السريع أضيق والبعض الآخر أوسع، فقد تصبح حركة المرور مزدحمة في بعض المناطق ومتناثرة في مناطق أخرى، وبالمثل، يخلق المجال المغناطيسي لأورانوس مناطق تتجمع فيها الجسيمات المشحونة أو تنتشر، اعتمادا على قوة المجال المغناطيسي المحلي.
ووجدت الدراسة أن المجال المغناطيسي لأورانوس يتسبب في تعرض الجزيئات الموجودة في أحزمة الإشعاع الخاصة به إلى “اختناقات مرورية”، ففي بعض المناطق، تتحرك الجسيمات ببطء أكثر وتصبح مكتظة بكثافة، مما يؤدي إلى إنشاء أحزمة إشعاع أقوى، وفي مناطق أخرى، تتسارع الجزيئات وتنتشر، مما يؤدي إلى أحزمة أضعف.
ومن المرجح أن “فوييجر 2 “، مرت عبر إحدى هذه المناطق المنتشرة، وهو ما يفسر سبب رصدها لأحزمة إشعاعية أضعف بكثير.
وتسلط الدراسة الضوء على الحاجة إلى مزيد من البيانات لفهم المجال المغناطيسي والأحزمة الإشعاعية لأورانوس بشكل كامل.
وحاليا، فإن ” فوييجر 2 “، هي المركبة الفضائية الوحيدة التي زارت أورانوس، ومع ذلك، تخطط ناسا لإرسال مهمة إلى العملاق الجليدي بحلول عام 2030، والتي يمكن أن توفر رؤى مهمة، وتؤكد صحة هذه النتائج الجديدة.
ويقول ماثيو أسيفسكي، الباحث المتخصص في فيزياء الفضاء بجامعة إمبريال كوليدج لندن، والباحث الرئيسي بالدراسة إن: “مهمة جديدة إلى أورانوس ستسمح لنا بجمع بيانات متعمقة على مدى عدة سنوات، وليس مجرد بضع ساعات، وهذا يمكن أن يكشف عن فيزياء جديدة ويوسع فهمنا لعلم الكواكب”.