28 نوفمبر 2023
سامح محجوب – شاعر وكاتب مصري
الآن على الأقل
لم يعد مصطلح المسألة الفلسطينية قابلًا للطرح بعد حرب الخمسين يومًا التي أسقطت ورقة التوت عن كل من تلاعبوا بهذه القضية طيلة العقود الماضية وحوّلوها من قضية واضحة الأبعاد إلى مسألة سياسية معقدة ليربح كل من يستطيع من الدم الحرام الذي لم يجف لحظة واحدة على خريطة هذه الجغرافيا المنذورة تاريخيا لتكون النقطة الحرجة بين الشرق والغرب دينيا وسياسيا.
عادت فلسطين إذن للواجهة كقضية إنسانية عادلة، بل وتحولت لفكرة كونية عابرة للجغرافيا فى ضمير العالم الذي شاهد خلال الخمسين يومًا الماضية فى بث حي ومباشر ما كان يمكن أن يقرأ عنه أو يسمع به، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتوقعه أو يتخيله!
من توحش وهمجية وسفالة قوضت كل ما حصّله الإنسان فى تاريخه من نظام وقيم وأخلاق، وأظن أنه لم يعد باستطاعة أي منظمة دولية أن تدّعي دورًا أو قيمة بعد ما قام به الكيان الصهيوني من جرائم بشعة فى حق الأطفال والنساء ودور العبادة والمشافي ، كل شيء سقط فى لحظة كشف قاسية سيدفع العالم ثمنها من روحه وسلامته النفسية وأمنه واستقراره، لا شيء يذهب سُدى! وعلى الفصائل الفلسطينية – إذا أرادت أن تسترد فلسطين والقضية معًا – أن تتوحد أمس لا الآن! وأن تغيّر من خطابها السياسي والايدلوجي وبالضرورة أن تستقل وتتخلص من الأطراف الإقليمية التي شوهتها وتلاعبت بها طيلة الثلاثة عقود الماضية، وبالأخص إيران.
الحل فلسطيني ولا يجوز أن يكون غير ذلك ، وعلى كل من يريد أن يساعد فلسطين أن يشعر أمريكا وبعض الدول الاستعمارية العجوز التي كشفت عن قبحها طيلة الخمسين يومًا الماضية – أن مصالحهم فى الشرق الأوسط باتت مهددة وأنه لا سلام واستقرار بدون دولة فلسطينية كاملة السيادة، الآن على الأقل .