هل ستغادر أنت أيضاً

21 فبراير 2024
عبير أسبر – كاتبة وروائية سورية
لم أجد حلاً أكثر بلاغة من أن أجدل أصابعك بقضبان حديد وأحمل مطرقة الفولاذ كعازف بيانو يعذبه الصمم، فأطرقها تلك المفاصل نوتة بعد ثانية.
فعندما تكسّر الكلام فازرا شفتي السفلى بشق طولي، لم تكن الشهية للدماء ما استوقفتني. بل الخرس الذي منعني عن اللغة.
تعودت السكوت كما اعتدت خلط الرغبات:
الذكريات نُعمت حوافها بعد كشطها شمالاً جنوباً بمبرد معدني. فها أنا ببرود سفاح أتذكر وجه أبي مستنشقة رماد الحرائق البائت، بينما لا يصلني من النوافذ سوى العتم وتراتيل الموتى الهاذية.
في حياتي تعودت الصمت أيضاً
فصراخك وأناملك المهشمة وقلبي الممزق وعويل الحزانى عجزوا أن يوصلوا ما أردت قوله متلعثمة الحروف أن الفقد وحده ما يهز نخاعي، يجّرفه بحرف سكين..
وها أنا في هذا الصباح، خاشعة على ركبتيّ، مرتاعة، نفورة كظبي، أتابع هرس عظامك الطويلة، أكثر حزناً، أكثر إلحاحاً وكفراً من أب دفن ابنته العروس.
أسألك، أترجاك.. أن أرحني من الطنين، من الخراب، أخبرني دون وجل..
هل ستغادر أنت أيضاّ؟
قد يعجبك ايضا