تخطو مالي والنيجر وبوركينافاسو خطوات مهمة لتعزيز تحالفها الفريد الذي نشأ بعد الانقلابات العسكرية التي شهدتها هذه الدول وإرغام فرنسا على سحب نفوذها من المنطقة بمباركة ودعم سياسي وعسكري واقتصادي من روسيا.
“نص خبر”- متابعة
فعقب الاتفاقيات الاقتصادية والقرارات المشتركة بين هذه الدول والتي مكنتها من تجاوز مرحلة رفض المجتمع الدولي للانقلابات العسكرية بها، وخاصةً حصار المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس”، أنشأت هذه الدول “تحالف دول الساحل” في سبتمبر 2023، ثم أتبعته بجملة من الاتفاقيات التي عززت الشراكة والاتحاد بينها، لعل أهمها ما تم الاتفاق عليه مؤخراً بخصوص “مواءمة” وثائق السفر والهوية الخاصة بها من أجل “حرية حركة الأشخاص والبضائع” في الاتحاد الجديد.
فقد اتفق الوزراء المسؤولون عن قطاع الأمن في مالي وبوركينافاسو والنيجر، على توحيد وثائق السفر والهوية في منطقتهم المشتركة من أجل ضمان حرية حركة مواطنيهم وبضائعهم، وصادقوا على المواصفات الموحدة لجواز السفر وبطاقة الهوية الوطنية ليتم تقديمها إلى رؤساء الدول للموافقة عليها.
دول الانقلابات تخطط لتغيير الساحل
يرى الخبراء أنه إن نجحت كل من مالي وبوركينافاسو والنيجر في اعتماد جواز سفر بيومتري جديد موحد ستقطع خطوة مهمة وحاسمة في تدعيم تحالفها الذي يجمع هذه البلدان بقيادة المجالس العسكرية.
وتسعى هذه الدول التي شهدت سلسلة من الانقلابات منذ عام 2020، إلى تعزيز تحالفها بعد الانفصال عن الكتلة الإقليمية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس”، احتجاجاً على العقوبات المفروضة عليها بسبب الانقلابات العسكرية.
ويتعين على هذا التحالف، الذي يضم 72 مليون شخص ويعاني من أزمات سياسية واقتصادية، مكافحة العنف والإرهاب الذي اندلع في شمال مالي عام 2012 وامتد إلى النيجر وبوركينافاسو عام 2015، والذي خلّف وفقاً للتقديرات آلاف القتلى وملايين النازحين في المنطقة.
عملة موحدة
كما تسعى الدول الثلاث إلى عملة مشتركة بدلاً من الفرنك الإفريقي، الذي يعتبر إرثاً من السياسة الاستعمارية الفرنسية. ويرى الخبراء أن عزم دول التحالف على إنجاح هذه الخطوة سيؤدي إلى جلب المزيد من الدول الراغبة في دخول التحالف خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم في الدول الإفريقية التي تستعمل الفرنك الإفريقي إلى معدلات قياسية.
ولا تزال العديد من الدول الإفريقية تتحين الفرصة المناسبة للانضمام إلى التحالف الجديد والتخلص من النفوذ الفرنسي، مثل تشاد التي أعلنت، أمس الخميس، إنهاء الاتفاقيات العسكرية التي تربطها مع فرنسا، وهي خطوة من ضمن مجموعة من الخطوات التي اتخذتها انجامينا لفك الارتباط بالنفوذ الفرنسي.
وجاء في بيان الخارجية التشادية أن الحكومة قررت “وضع حد للاتفاق الموقع بين البلدين، والذي تمت مراجعته عام 2019″، وأن “القرار الذي يمثّل محطة مهمة في تاريخ البلاد، جاء بعد تحليل معمق للوضع، فتشاد بعد 66 عاماً على استقلالها عن فرنسا، أصبح من اللازم عليها تأكيد سيادتها وتحديد شراكاتها تماشياً مع مصالحها”، وفق نص البيان.
وتربط فرنسا وتشاد علاقات تعاون في مجالات الدفاع، تمت مراجعتها في باريس عام 2019، وتشمل هذه الاتفاقيات التدريب والتكوين الذي تقدمه فرنسا لقوات الدفاع والأمن التشاديين. كما تمتلك فرنسا وجوداً عسكرياً في تشاد حيث ينتشر قرابة 1000 جندي موزعين على ثلاث قواعد عسكرية.
أما السنغال فقد أكدت هي الأخرى على لسان رئيسها باسيرو ديوماي فاي أنه لن يكون هناك المزيد من القوات الفرنسية في البلاد. وأضاف “لن يكون هناك المزيد من الجنود الفرنسيين في السنغال قريباً. لماذا هناك حاجة للجنود الفرنسيين في السنغال؟ هذا لا يتوافق مع مفهومنا للسيادة والاستقلال”.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد وجّه دعوة للرئيس السنغالي من أجل زيارة موسكو، ووافق الأخير، ما يؤكد أن دكار ماضية هي الأخرى في مسار الدول الراغبة في تعزيز تحالفها مع روسيا وبالتالي الانضمام لتحالف دول الساحل.