30 اكتوبر 2023
بيروت-لارا السيد
لكل حرف في اللغة العربية وقعة في تاريخ الأمة، ولكل بلد “بصمته” في تمييز حرف عن آخر، ما “يٌميّزه” عن شقيقه في النطق به، والذي يختلف من بلد الى آخر، على الرغم من أنه تابع لأبجدية واحدة.
في تاريخنا الحديث، لعب الحرف دوره بقوة، وكشف حجم الهوة، فكانت المبارزة بين حرفين، في جولة سترسم مصير كل طرف وتُحدّد مكانه بدقة، لتعلن الفائز في معركة لا مكان فيها للإستعانة به بـ”سكون” عاجز، كما أن “الحركة” الناقصة قادرة على قلب الدفة وتُلحق “الكسرة” بمن يستحق “الضمّة”.
خنقوها ظناً منهم أنها ستركع، إلا أنها تنفض غبارها، لتنهض وتعاود بحجرها قبل بشرها، وتقف شامخة بوجه جبناء يتلطون خلف عتادهم، يُمنّون أنفسهم بخطفها، إلا أنها لقنتهم درساً سيُخلّد في ذاكرة أولئك الذين هتفوا باسمها، ووصل صدى صوتهم ليخرق صخب ليلها اللاهب ونهارها الهادر، ليمدها بشحنة دعم تُبلسم بها جرحها النازف.
قطعوا عنها الماء والهواء والإتصال، وحاصروها بغطرسة دموية رفدوها بأسلحة متطورة، وتستروا خلف دول عظمى، لكن ردها “وحيدة” كان أشد وأقوى، ونجحت بـ”اللحم الحي” أن تُسطّر ملحمة بطولية،على الرغم من فوسفرهم الحارق وحقدهم الغاشم.. ولم تركع.
لم يعرف أهلها منذ قرابة 3 أسابيع النوم لبرهة، وهم على مدارها يسمعون “معزوفة” النصرة لغزة، ليضحكوا، على كلمات من دون جدوى، فهم بمن تبقى يعزفون لحن الكرامة، ويستمدون من شهدائهم عزيمة البقاء للدفاع عن أرض تُلقّن دروساً في الوفاء، وتوجه رسالة بأن “الحرف” قادر على قلب الدفة بين “صامد” و”صامت” .. لتكون النتيجة بإكليل من غار لمن اختار أن يكون اسمه مقروناً بـ “حرف من عِزّة”.