باسم ياخور في المعهد العالي للفنون المسرحية… نجم في مذكّرات طالب!
وسام كنعان
لعلّها المرّة الأولى التي ننتبه فيها إلى التماثيل التي تزيّن بهو «المعهد العالي للفنون المسرحية» في دمشق. الأوّل للمسرحي الراحل وأحد المؤسّسين الحقيقيين للمسرح والمعهد في سوريا، فوّاز الساجر، الذي يقرّ له كبار النجوم السوريين بالفضل الأول عليهم. أما الثاني، فهو لنعمان جود الذي أرسى قواعد ومنطق الديكور في الفن السوري، والثالث للقامة الإبداعية الراسخة محمد الماغوط.
تُعتبر التماثيل بمثابة تمهيد منطقي واستهلال صريح قبل الدخول إلى استديوات التدريب وحضور امتحانات الطلّاب. يترك التأمل طويلاً في تلك الوجوه إيقاع الموسيقى المناسبة لدخول الجمهور إلى صالات المسرح المعتمة.
آخر مرّة أمضينا فيها ساعات هناك، في حضور اختبار طلّاب السنة الثالثة بإشراف مدرستهم الممثلة السورية مريم علي. صادفنا يومها حضور النجم باسم ياخور، مع حرصه للبقاء حتى آخر دقيقة في العرض، والتقاط الجوانب الإيجابية مما شاهده لدعم الطلاّب معنوياً. ربما كان ذلك بمثابة تمهيد لدعوة النجم السوري إلى الملتقى الإبداعي الذي تقيمه إدارة المعهد كنوع من التكريم للنجوم وفتح باب الحوار بين الطلاّب والممثّلين المكرّسين الذين تخرّجوا من نفس الصرح التعليمي.
الحوار الذي جرى قبل أيّام في المعهد طغى عليه سرد الذكريات عن أيّام الدراسة وبديات الانطلاق، التي صاغها الياخور بأسلوبه الدمث وطريقته الساخرة وبديهته الحاضرة.
باسم ياخور، اسم تحوّل مع الزمن إلى ماركة مسجّلة في فنّ التمثيل. وزانة إرثه الدرامي، وتراكم تجاربه، ومنجزه الحافل، كلّها وضعته في مطرح عالٍ. لذا لن يكون من المبالغة القول بأنّه من أذكى الشخصيات التي عرفها الوسط الفني السوري. يبدو ذلك واضحاً في اختياراته و انتقاءاته خلال السنوات الأخيرة. مهما كان الممثل في بلادنا العربية قادراً على التجديد، وبارعاً في خلق شخصيات وابتكار «كركترات»، سيجد نفسه في مكان ما عاجزاً عن صوغ الدهشة بالمستوى الذي ينتظره الجمهور. السبب ببساطة أنّه أمام خيار لا ثانيَ له، هو الغزارة النسبية في الظهور طالما أنه يشتغل وفق شروط إنتاجية بعيدة عن الترف المطلوب الذي يصنع مجد الممثلين في هوليوود على سبيل المثال. هكذا، راح «الياخور» خلال السنوات الماضية نحو التجسيد في المحلّات التي يعرف أنها تتوافق مع بنيته، ويدرك أنه من خلالها قادر دائماً على قطف انتباه الجمهور وإشادة النقاد.
أما عن هذا الموسم فيطل النجم السوري بثلاثة أعمال: أحدها مؤجّل من العام الماضي وهو بعنوان «ليلة السقوط» (إخراج ناجي طعمي) فيما يلعب بطولة «خريف عمر» أمام كاميرة المثنى صبح وفيه يؤدي دور ضابط ومحقق ضمن محيط تحصل فيه جرائم قتل، بالتوازي مع مشاكله الشخصية والاجتماعية، ثم يُزج باسمه في إحدى القضايا فيبحث عن حلول آنية.
فيما يحضر في الدراما الشامية بمسلسل «العربجي» (إخراج سيف الدين السبيعي) ويؤدي شخصية عبدو العربجي وهو شخص اختار أن يعيش بعرق جبينه بشكل شرعي وبعيداً عن الإشكالات، لكنه يجد نفسه أمام استحقاق بخيارين: إما أن يقول الحق، أو أن يسكت عنه، فينحو باتجاه الحقيقة، لتضعه خطوته هذه في صراع شرس مع أقوى أصحاب النفوذ. هنا يضطر للدفاع عن عائلته ونفسه، ثم يحيله هذا الصراع من شخص يعيش على الهامش، إلى إنسان قوي ومستميت في التصدي للظلم والجور.