
14 يونيو 2023
نورى عيلال – دبي
في الوقت الذي يمر به “كريدي سويس” ثاني أكبر وأعرق بنك في سويسرا، بمشاكل مالية وما ترتب عنها من تراجع في أسهمه، وتدخل بنك “يو بي إس” لاستحواذ عليه، في صفقة جمعت بين أكبر بنكين في سويسرا لاحتواء أزمة عدم الثقة ومخاوف الانهيار، تعود قضية “سندات التونة” أو “الديون المستترة“، البالغة قيمتها ملياري دولار للواجهة من جديد، بعد أن تقدم “كريدي سويس” بطلب إلى المحكمة العليا في لندن شطب الدعوى القضائية التي أقامتها دولة الموزمبيق بشأن دور البنك في فضيحة “سندات التونة” البالغة ملياري دولار، مدعيا بحسب “فاينانشيال تايمز” أن الإخفاق في الكشف عن الوثائق الحكومية من طرف الموزمبيق لا يفسحُ مجالاً لمحاكمة عادلة.
“الحكومة الموزمبيقية تتهم “كريدي سويس” ومسؤولين حكوميين موزمبيقيين بمن فيهم وزير المالية السابق، بالإضافة إلى شركة “Privinvest“، بالتورط في قضايا غسيل الأموال والفساد والرشوة“.
تعود قضية “سندات التونة” إلى عام 2013 ، عندما قام بنك “كريدي سويس” وأطراف أخرى بترتيب ملياري دولار من السندات والقروض لموزمبيق، الهدف منها تمويل عقودٍ بين الشركات الحكومية في الموزمبيق وشركة “Privinvest Shipbuilding (المملوكة للملياردير اللبناني اسكندر صفا)”، لثلاثة مشاريع بحرية، تهدف إلى تعزيز الأمن البحري وتطوير صناعة صيد الأسماك في الموزمبيق. لكن شركة إدارة المخاطر متعددة الجنسيات “كرول” والتي عينها المدعى العام لمراجعة القروض والتدقيق، كشفت اخفاء القروض عن الحكومة والدائنين الدوليين، ولم تسمح بحساب 500 مليون دولار من القروض، مشيرة إلى أن شركة “Privinvest“ قد يكون لديها أسعار مبالغ فيها بمقدار 713 مليون دولار. ووجدت المراجعة أيضًا أن 200 مليون دولار من القروض تم إنفاقها على الرسوم والعمولات المصرفية.
وكشفت موزمبيق في عام 2016 أنها أخفقت في الكشف علناً عن غالبية القروض الخارجية البالغة 2 مليار دولار التي جمعتها لتمويل المشاريع البحرية، في انتهاك لشروط اتفاقية “صندوق النقد الدولي“. وهو ما ترتب عنه قيام صندوق النقد ومجموعة من المانحين الأوروبيين بوقف تمويل الحكومة الموزمبيقية ما أدى بها إلى التخلف عن عن سداد ديونها.

مانويل تشانغ وزير مالية الموزمبيق السابق إسكندر صفا مالك شركة “Privinvest”
وكشفت حكومة موزمبيق أن المشاريع البحرية كانت احتيالية لأن شركة “Privinvest” دفعت رشاوى لكبار المسؤولين بمن فيهم وزير المالية آنذاك مانويل تشانغ. واتهمت الحكومة الموزمبيقية بنك “كريدي سويس” إلى جانب ثلاثة من موظفيه السابقين في لندن ومسؤولين حكوميين موزمبيقيين بمن فيهم وزير المالية السابق، بالإضافة إلى شركة “Privinvest” ممثلة في مالكها “إسكندر صفا“، بقضايا غسيل الأموال والفساد والرشوة. وزعم ممثلو الادعاء في وزارة العدل في العام 2019 أن المتهمين “أنشأوا مشاريع بحرية لم تنفذ سوى القليل من الأنشطة التجارية المشروعة، فيما وجهوا ما لا يقل عن 200 مليون دولار على شكل رشاوى لأنفسهم.
“في 2021، وافق “كريدي سويس” على دفع 475 مليون دولار كغرامات وإعفاء 200 مليون دولار من الديون المستحقة على موزمبيق“.
وفي العام 2021، وافق “كريدي سويس” على دفع 475 مليون دولار كغرامات وإعفاء 200 مليون دولار من الديون المستحقة على موزمبيق، ضمن سلسلة من التسويات المنسقة مع المنظمين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وسويسرا بخصوص دور البنك في فضيحة “سندات التونة“.
“كريدي سويس” يأخذ خطوة استباقية لشطب قضية “سندات التونة” قبل موعد المحاكمة المدنية في سبتمبر المقبل“.
ومع اقتراب تاريخ المحاكمة المدنية في المحكمة العليا بحلول شهر سبتمبر المقبل، يأخذ “كريدي سويس” خطوة استباقية يسعى من خلالها إلى شطب قضية “سندات التونة” في الموزمبيق قبل موعد المحاكمة المدنية. حيث زعم “كريدي سويس” في طلبه أمام المحكمة العليا في لندن، أن الموزمبيق لا تزال تنتهك واجباتها المتعلقة بالإفصاح، وأن الانتهاكات كانت “متعمدة. مُضيفاً أن المحاكمة العادلة ليست ممكنة، كون أن الموزمبيق فشلت في الكشف عن وثائق من مكتب رئاسة الجمهورية ومن جهاز المخابرات والأمن الحكومي في البلاد.
“رتب البنك السويسري ظاهرياً ملياري دولار من القروض وإصدار السندات للموزمبيق في عام 2013، في حين تم إخفاء القروض جزئيًا عن “صندوق النقد الدولي ” والمانحين الآخرين“.
ويدافع البنك السويسري وأطراف أخرى عن الدعوى القضائية التي رفعتها جمهورية موزمبيق، إحدى أفقر دول العالم ، بشأن دور البنك في ترتيب ملياري دولار من القروض وإصدار السندات للبلاد في عام 2013 ، ظاهريًا لتمويل مشاريع تشمل التونة الحكومية ومصايد الأسماك. في حين تم إخفاء القروض جزئياً عن “صندوق النقد الدولي” والمانحين الآخرين.
“أفظع جريمة فساد في العقد الماضي نتج عنها إغراق أحد أفقر البلدان في إفريقيا بإجمالي دين بلغت نسبته 85٪ من الناتج المحلي الإجمالي لموزمبيق“.
فضيحة “سندات التونة“، تفتح باب الجدل حول من المسؤول، ومن يتحمل فاتورة ما وصفه خبير مكافحة الفساد السابق ب“البنك الدولي “ريتشارد إي ميسيك” أفظع جريمة فساد في العقد الماضي“. كون أن هذه القضية ترتب عنها خفض التصنيف السيادي للموزمبيق من طرف وكالة التصنيف الائتماني“موديز” بحجة أن الحكومة ستتخلف عن سداد قروضها، وهو ما أدى إلى إغراق أحد أفقر البلدان في إفريقيا في حالة تخلف عن سداد الديون وأزمة اقتصادية حادة، حيث وصل إجمالي الدين إلى 85٪ من الناتج المحلي الإجمالي لموزمبيق.