ملحم بركات في ذكرى رحيله الثامنة..موسيقار لبنان لم يغب فنه

“نص خبر” – بيروت

ثماني سنوات على رحيل الحنجرة التي كيفما تنشقت وزعت الحاناً وطرباً. اليوم 28 تشرين الثاني ذكرى رحيل الموسيقار ملحم بركات، غاب في عز الظلمة التي لحقت بوطن أحبه أكثر من أي شيء.

بركات صاحب الاغنية التي لا تموت والنوادر التي نحب تناقلها والشخصية الخاصة النضرة التي وزعت مرحها وجديتها وصخبها وثورتها لتبقى أرثاً طبع جيل اليوم والأمس.

أغانيه بريد الأجيال

ولد بركات في بلدة كفرشيما البلدة التي أفرخت عدد كبير من الفنانين حليم الرومي وفيلمون وهبي وعصام رجي وماجدة الرومي والشاعر منير عبد النور وماري سليمان وكان واحداً من هؤلاء الكبار الذي شربوا الفن واسقوه لتعم ألحانه وأغانيه وتصبح ترداد صوت في حناجر المحبين والعاشقين.

لم يكن ملحم بركات فناناً عادياً فإن لحن تختمر المعجزة في لحنه ويستطيع أن يعمر مدماك الاغنية في الذهن ويصنع نجوماً لا تنطفأ نجوميتهم، وإن غنى تصبح اغنيته بريد حب يصل أصقاع الأرض لا يذبل وهجها ولا يخفت صداها. هو اشبه بمعجزة نادرة طبع هذا العصر بفن راقي جزوره أصيلة وظلالها ستبقى مخيمة على الأجيال القادمة. كان يلحن كل كلمة تقع بين يديه أنه ملحن الجرائد.

نشأت نجوميته في الخفاء

الموهبة عنده أصيلة ظهرت منذ بواكير طفولته تعلم العود بالفطرة من والده الذي كان يدندن أغاني عبد الوهاب كواه. وكان يسترق السمع والعزف خلسة. وطالما اجتمع حوله رفاق الصبا في قريته يستمعون أليه، فلفت انتباه الموسيقي حليم الرومي، الذي كان يسكن كفرشيما، فأثنى على موهبته وشجّعه.

في الساسة عشرة من عمره قرر الالتحاق بالمعهد الوطني للموسيقى دون علم والده الذي كان يرفض التحاقه في امتهان الفن. درس ملحم النظريات الموسيقيّة والسولفاج والغناء الشرقي والعزف على آلة العود مدّة أربع سنوات في المعهد الوطني للموسيقى.

سيرة من نجاح وموهبة

انضم إلى فرقة الأخوين رحباني. لكنّه بعد أربعة أعوام، تركهما لكي يشقّ طريقه الفنيّة.

أولى ألحانه كانت “بلغي كل مواعيدي” مع الفنانة جورجيت صايغ ولاقت الأغنية رواجا كبيرا.

توسعت شهرة بركات ملحنا في السبعينيات حيث قدم ألحانا للمطربة صباح ضمن مسرحية “حلوة كتير” ومن بينها أغنيات “ليش لهلق سهرانين” و”المجوز الله يزيدو” و”صادفني كحيل العين”، كما قدم ألحانا لوديع الصافي وماجدة الرومي ووليد توفيق وآخرين.

أول عمل مسرحي لعب دور بطولته هو مسرحية بعنوان “الأميرة زمرد”، ومن ثمّ “الربيع السابع” و”ومشيت بطريقي”، كما خاض تجربة التمثيل السينمائي من خلال دور البطولة في فيلم “حبي لا يموت”.

حارس الفن اللبناني

طالما انتقد ملحم بركات الفنان اللبناني الذي يغني بغير اللهجة اللبنانية وكان يعتبر ذلك انتقاصاً للفن اللبناني الذي حرص على تصديره والثبات فيه في خلق نموذج فني عريق مطبوع بالهوية اللبنانية.

كل أغنية قدمها ملحم باتت معلماً وحجراً أساس في الاغنية اللبنانية الحديثة التي عليها ستربى الأجيال مثل علواه يا ليلاه” و”عود يا حبيب الروح” و”يا لايمة ليش الملام” وتوّجها في أغنية “على بابي واقف قمرين” و”و”فرح الناس” و”حبيبي أنت”.

في 28 تشرين الأول 2016 رحل ملحم بركات بعد صراع مع المرض. تاركاً خلفه تركة فنية يطرب لها الجيل الجديد ويثمنها الزمن كوديعة لا ينطفأ وهجها قادرة أن تعمر للغد البعيد ليبقى صوته حاضراً معنا.

قد يعجبك ايضا