أمامة أحمد عكوش – كاتب وصحافي سوري
قاسيـون .. الأموي .. دمشق .. حلب .. تدمر .. المتوسط .. المساجد .. الكنائس .. القباب .. المآذن .. الصلبان .. بردى .. قويق .. العاصي .. الفرات .. دجلة .. الحمَام .. الأسواق .. الشُّروق .. الغروب .. التُّراب .. السُّهول .. الوديان .. الجبال .. القمح .. القطن .. الورود .. الياسمين .. الأطفال .. الشَّباب .. حواء .. آدم .. كلّهم حاضرون في روح ووجدان وعين وعدسة يوسف بدوي .. “أبناء أرض الشَّمس وسماؤها مقصده والإنسان .. وسورية العنوان”.
راسخة أفكاره رسوخ الجذور السُّورية الممتدة في عمق التَّاريخ منذ الأجداد وحتَّى الأبناء.. كزيتونة مسقط رأسه ونشأته الضَّاربة عميقاً في إدلب الخضراء، كجذور حجارة قلعة حلب الخلّاقة الشَّهباء وكتمثال صلاح الدّين الأيوبيّ الشَّامخ في مدينة الياسمين حيث مسقط قلبه في الفيحاء.
الكاميرا نبض!..
“الكاميرا ليست مجرد آلة .. هي كائنٌ يمتلك نبض قرار الصّورة .. ثمَّة علاقة بيني وبين الكاميرا ترفعها لمرتبة الصَّديق المرافق لي، هي عيني الثَّالثة .. الكاميرا تُحسّ (تُحبّ .. تَحزن .. تفرح .. تمرض .. تنزعج).. كلّ الأحاسيس التي نمر بها نحن البشر تُحسّها الكاميرا .. تشعر بي بكل حالاتي” بهذه الكلمات يعبّر البدوي عن شغفه بكاميراته وشغفها به .. وفي ظلّ هذه العوالم يتعامل مع عدسته كمصور صُحفيّ يرى ويعكس ما تلتقطه عينه عبرها، وما يريد إيصاله إلى الجمهور داخل وخارج الجغرافيا السُّورية مؤكداً على ذلك بقوله:”لست مصوراً فوتوغرافياً أحضر لأصور وفقط .. أنا إعلاميٌّ أحضر لأقول الأشياء عبر صورتي”.
الأنثى!..
“كلمة بورتريه لا تعني وجه الشّخص في قاموسه، بل ما يميّز الشّخص” كما يقول، وما يحمله هذا الشّخص من أبعاد باطنيّة تُشكِّل كينونته التي على العين أن تُحسَّها، وعلى العدسة أن تلتقطها وتترجمها بكلّ ما تحمله من مكنونات، كما أنَّ الأنثى في روحه وعينه وعدستهن هي الحياة، وبرهن على ذلك برائعة من روائعه من خلال ترقّب ستّة ساعات كاملة لمشهد رسمه في مخيلته لتعامد الغيوم مع قمّة الجبل وانعكاس هذا المشهد على سطح الماء، لتلقطها عدسته بعد كلّ هذا الانتظار، ولتكون فعلاً كما تراءى لمخيلته.
EPA ..
يوسف بدوي من مواليد إدلب في العام 1966 ، حمل الكاميرا للمرة الأولى في حياته كصُحفيّ في العام 1986 ، تخرّج من كلية الآداب – قسم الصّحافة في دمشق عام 1990، مصور صحفيّ في جريدة تشرين منذ العام 2000، أقام معرضاً عن سورية في باريس عام 2008 “أردتّ من خلاله أن أظهِر صورة سورية للغرب ودول العالم كما هي تماماً بكلّ الجمال والأصالة والعراقة التي تحملها في مكنوناتها” هكذا يقول. كما يعمل مصوراً صحفيّاً في الـ”EPA” الوكالة الأوربيّة للصورة الصّحفية في سورية منذ العام 2003 ، وهذه الوكالة كما يصفها “بنك من الصّور .. هو الأكبر حول العالم، حيث أنّها تتبع لسبعة دول أوربيّة .. أقوم بتقديم صورتي بما يرضي رؤيتي السّورية .. وليس بما يرضي الوسيلة التي أعمل بها أيّاً كانت”.
شاشة .. مسرح
علاوة على أن بدوي عمل لدى العديد من المحطّات التّلفزيونيّة، إضافة إلى تصويره العديد من الأعمال الدّرامية والمسرحيّة السّورية والعربيّة، كان أوّلها عام 1998، اشتغل خلالها مع أهم المخرجين السّوريين والعرب منهم (نجدت أنزور – حاتم علي – بسّام الملا – الليث حجو – المثنى الصبح – فراس دهني – رشا شربتجي – مأمون الخطيب – محمد عزيزية – بسام سعد – أحمد صقر – شوقي الماجري). ومن الأعمال التي شارك بها (الكواسر – الفوارس – الأشاوس – القعقاع – طارق بن زياد – أسمهان – باب الحارة – عمر – أعيدوا صباحي – ديوان السّبيل – سيد العشاق – كلّهم أبنائي – ليلة القتل – يوم المسرح العالمي – نبض).
تحيا سورية ..
بدوي الذي أطلق في العام 2018 (هاشتاغ .. أخطر دولة في العالم)، وضع الصّور التي التقطها طوال حياته عبره، موجهاً من خلاله دعوة لرؤية سورية وإيصال صورة الحياة فيها، هو القائل:”الكاميرا روح .. الصّورة ذاكرة .. نصف الكأس الملآن هو ما أظهِرُه في صورتي، أمَّا عن الفارغ فإنّي أقوم بتوثيقه وأحتفظ به لنفسي .. أقول للعالم بأسره من خلال صورتي بأننا نحن السّوريون نحيا ولا نريد إلَّا أن نحيا .. سورية الإنسان منها الحياة وهي الحياة”.