إشارات زلزاليّة غير معتادة…ما علاقة التغيّر المناخي؟

لم يختتم العام 2024 قبل حدوث مفاجأة مدوية في علم الهزات الأرضية تمثلت بدراسة راجعت سجلات جيولوجية عن العام الذي سبقه. ولاحظت وجود إشارات زلزالية غير مألوفة مدتها 92 ثانية واستمرت أكثر من أسبوع. واتضح لاحقاً أن التغيير المناخي يقف وراء فرادتها.

“نص خبر”- متابعة       

وفي تقرير نشر على الموقع الشبكي لمجلة “سميثونيان ماغازين” Smithsonian Magazine ورد أن تلك الإشارات تنتمي إلى النوع الذي يرافق حصول هزة أرضية. وبرز ملمح مُفاجئ تمثل بأنها استمرت تسعة أيام كاملة، باختلاف واضح عن الهزات الأرضية العادية.

المناخ يتدخل في جيولوجيا الأرض

إثر ظهور هذه الإشارات غير المألوفة، حرص فريق دولي من 68 باحثاً على البحث عن أسبابها المحتملة. وبعد مراجعة البيانات وكل الظروف المرافقة لها، توصلوا إلى أنها ترتبط في الواقع بانزلاق أرضيّ حصل في مضيق شرق جزيرة “غرينلاند” في القطب الشمالي تسبب بإطلاق موجة تسونامي. كذلك أظهرت صور الأقمار الاصطناعية حدوث انزلاق في ذلك الوقت نفسه لكتلة مكوّنة من جبل أرضي وقسم من جبل جليد باتجاه شرق غرينلاند.

ولكن حتى اللحظة، لم يجر التوصل إلى سبب ارتباط هذا الانزلاق الذي حصل بالإشارات الزلزالية المشار إليها آنفاً، ولا تزال العلاقة بينهما غير واضحة.

اعتمد الباحثون على تسجيلات زلزالية عالمية، وصور أقمار اصطناعية ومحاكاة عبر الكمبيوتر وغيرها من الوسائل. كذلك استُخدم كمبيوتر متطور متخصص في معالجة البيانات وصنع محاكاة افتراضية عن تلك الحوادث. وبالتالي، استطاع الفريق العلمي استعادة تلك الكارثة افتراضياً، من لحظة ذوبان الجبل الجليدي وتحرك الصخرة الجبلية، وصولاً إلى لحظة ضربهما المضيق في شرق غرينلاند، بالإضافة إلى استعادوا مشهدية التسونامي الضخم الذي سجّل حينها.

لماذا انزلق الجبل؟

عقب تحليل البيانات، ظهر لفريق الباحثين أن التغير المناخي أحدث ذوباناً تدريجياً للجبل الجليدي، فأصبح أقلّ سماكة، وعجز بالتالي عن تحمّل ثقل الجبل الذي فوقه. وفي أيلول (سبتمبر) 2023 حصل انحدار لكتلة توازي حجم ناطحة السحاب “إمباير ستايت” الشهيرة، مما تسبّب بموجة تسونامي كبرى طاولت المضيق قبل أن تضرب المحيط المفتوح الذي يبعد عن المضيق قرابة مئتي كيلومتر.

ولأن تركيبة المضيق تعتبر معقّدة، لم تتمكن موجة التسونامي من تصريف الطاقة التي فيها، وأدّى ذلك إلى تحرّك موجات التسونامي ذهاباً وإياباً طوال تسعة أيام، ولعلها تسببت بالإشارات الزلزالية التي درسها الباحثون. وقد تراجع حجم التسونامي تدريجاً خلال تلك الأيام، بل كادت تموجاته تتلاشى قبل انتهائها. وقد مرَّ قارب في المضيق بعد ثلاثة أيام من انطلاق التسونامي، ولم يعانِ من أي تأثيرات ملحوظة.

وبعد بضعة أشهر من ذلك الحدث، تولّى فريق من الباحثين الألمان دراسة هذا الحدث غير الاعتيادي أيضاً، واعتمدوا بشكل أساسي على صور الأقمار الاصطناعية، فتوصلوا إلى نتيجة مماثلة لتلك التي توصل إليها الفريق المشار إليه في مستهل المقال، على الرغم من تباين التقنيات التي استخدمها الفريقان.

تجدر الإشارة إلى أن هذا الانزلاق الجليدي تسبب بأضرار في مركز للأبحاث على مقربة من موقع حصوله، قدرت قيمتها بقرابة مئتي ألف دولار، ومن دون حدوث خسائر في الأرواح.

قد يعجبك ايضا