طقس من طقوس رمضان اعتاد عليه الجمهور لأكثر من نصف قرن، قبل أن يتلاشى ويختفي من الساحة الفنية. والمقصود هنا فوازير رمضان التي ارتبط فيها المشاهدون وكانوا ينتظرونها كل عام في الشهر الكريم.
“نص خبر”- القاهرة
ومنذ سنوات قليلة فقط انتهى عمرها الإفتراضي، وانصرف عنها صناع الأعمال الفنية، واستبدلوها بأعمال أخرى حتى تتماشى مع “الموجة الفنية السائدة”، مثل مسلسلات “الست كوم”، والبرامج الكوميدية.
بداية الفوازير في الإذاعة المصرية
وكانت لبداية صناعة فوازير رمضان قصة غريبة، حيث أنها لم تبدأ في التلفزيون مثلما يظن البعض، بل كانت عبارة عن فقرة قصيرة في الإذاعة المصرية، عندما بدأت الإذاعية المصرية آمال فهمي بتقديم فكرة جديدة ضمن برنامجها الإذاعي في رمضان عام 1955.
وكانت الإذاعية الكبيرة تستضيف أحد نجوم الفن دون ذكر اسمه وتطلب منه قراءة بعض السطور على الهواء، وتقيم مسابقة للمستمعين للتعرف على صاحب الصوت.
واستضافت في احدى الحلقات المطربة أم كلثوم، والتي قرأت صفحة من كتاب “الأيام” للراحل طه حسين، والغريب في الأمر أن المستمعين لم يتعرفوا على صوت كوكب الشرق نظراً لسماعهم لها وهي تغني فقط.
وحققت تلك الفقرة نجاحا منقطع النظير، مما جعل مسؤولي الإذاعة المصرية يعملون على تطويرها، واستعانوا وقتها بعدد من الكتاب والشعراء المحترفين لكتابة فوازير حقيقية تقدمها آمال فهمي عبر برنامجها في رمضان، وكان من بين هؤلاء الشعراء بيرم التونسي وصلاح جاهين ومفيد فوزي وغيرهم.
انتقال الفوازير إلى التلفزيون
في عام 1967 كانت فكرة الفوازير على موعد من الإنطلاقة الكبرى، على يد المخرج أحمد سالم الذي قرر تصوير الفوازير كي تعرض على شاشة التلفزيون المصري، واستعان وقتها بفرقة “ثلاثي أضواء المسرح” المكونة من سمير غانم والضيف أحمد وجورج سيدهم، لتحقق الفوازير نجاحا آخر على مستوى التلفزيون، وتنال إعجاب المشاهدين.
أما عام 1975 وبعد ثماني سنوات تطورت الفوازير بشكل كبير على يد المخرج المصري فهمي عبد الحميد، الذي استعان بالفنانة نيللي لتقديم بعض الإستعراضات الغنائية وتقدم سؤالاً بسيطاً في نهاية كل حلقة، على أن يجيب عليه الجمهور ويرسل إجابته عبر البريد إلى مبنى التلفزيون المصري.
استمرت نيللي في تقديم الفوازير حتى عام 1981، ليظهر منافس آخر لها وهو “فطوطة”، تلك الشخصية التي قدمها الفنان سمير غانم فوازير رمضان وحقق فيها نجاحا ساحقاً وأصبحت علامة من العلامات الفنية.
بداية اختفاء الفوازير
وبعد ذلك ظهر منافسون آخرون ، حيث برعت الفنانة شريهان في تقديم الفوازير أيضاً، حتى أن فكرة الفوازير قد ارتبطت باسمي “نيللي وشريهان”، كما قدمت الفنانة الراحلة هالة فؤاد أحد مواسم الفوازير، وكذلك الفنانة نادين وغيرهن من النجمات الإستعراضيات.
وقدم الفنان الراحل فؤاد المهندس حلقات فوازير شهيرة كانت تحمل اسم “عمو فؤاد”، لتدخل الفوازير بعدها في ظلمات الإختفاء والتراجع عاما تلو الآخر حتى أصبحت مجرد ذكريات فنية وتراثاً يتذكره الجمهور ويحن إليه.
ورغم المحاولات لإحياء الفوازير من جديد عن طريق الفنانة اللبنانية ميريام فارس، التي قدمت بالفعل موسماً من فوازير رمضان، لكنها لم تنجح المحاولة حتى دخلت فكرة الفوازير مرة أخرى إلى النفق المظلم تاركة في قلوب وأذهان المشاهدين ذكريات عطرة ومشاهد لا تنسى.