27 يوليو 2023
نهلة هاني – كاتبة من سوريا
في الآونة الأخيرة تقدمت الثقافة الكورية إلى الواجهة العالمية، سينما وأزياء وغناء الـ K_pop وفي حين العالم يضج بأحاديث الفاشن والأزياء والترندات، اقتطع الكوريون مساحة كبيرة من “موضة” اليوم حتى لتقول إنه اجتياح ثقافي مخطط له، وفي حقيقة الأمر هذا التفكير ليس ببعيد!
أفي العقدين الأخيرين استغلت كوريا الجنوبية كل مواردها لتدعم قواها الناعمة في السينما والازياء والديكور والغناء والمسلسلات الدرامية والمسرح. وبالفعل حققوا ما كانوا يتمنون لدرجة أن فيلم باراسايت فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي وهو أول فيلم كوري يفوز بتلك الجائزة، كما فاز بأكثر من جائزة أوسكار في دورة المهرجان الـ92 للعام 2020 كأفضل فيلم أجنبي، وهو أول فيلم غير ناطق باللغة الإنجليزية يحصل على تلك الجائزة، إلى جانب فوزه بجائزة أفضل سيناريو مقتبس، وفوز مخرجه بونج جون هو بجائزة أفضل مخرج.
هذا مؤشر على تقدم الثقافة الكورية والعمل عليها برؤية وتفكير، ومن هنا نفهم “غزو” الأزياء الكورية، وتقدمها إلى الواجهة، هذا القطاع الذي كل ما تبحرنا فيه، نفهم أكثر دقة الكوريين وجودة صنعتهم.
وإنني هنا لا أخص بالذكر المشاهير الكوريين وحسب، إنما أيضاً أفراد كوريا العاديين في الشارع أو بالأحرى ستايل الشوارع، فجميع الأزياء الكورية الحديثة بدأ العالم يتطبع بها، ولا أستثني بالذكر الشعب الاَسيوي ودول الجوار، التي بدأت بتقليد الستايل الكوري بل وحتى الشعوب الأوروبية التي تأثرت هي الأخرى بهذا الخط الجديد والأنيق.
وقد تلقفت أمريكا كعادتها اهتمام العالم بالستايل الكوري الحديث، ففتحت لهم الأبواب لتأسيس مصانع لتصاميم الألبسة الكورية، ما زادهم شهرة وانتشار أكثر.
بداية الأزياء الكورية :
كانت بداية شهرة الأزياء الكورية بلباسهم التقليدي الذي سمي بـ”الهانبوك” الذي تم تصميمه لسهولة الحركة بالملابس وأيضا للتعبير عن ثقافتهم بوجود زخارف شامانية تكون الهانبوك التقليدية للمرأة من جيو جوري، أي قميص أو سترة وشيما « التنورة», والتي تلبس عادة بالكامل.
يتكون هانبوك الرجال من جيو جوري والباجي، والباجي هي السراويل الفضفاضة. وبحسب ماتبين معي، أصبح الهانبوك الملون والمزخرف يوحي بالثراء الفاحش والغنى، لايلبسه إلا الطبقة الاجتماعية المخملية المرموقة، في الوقت الحالي أصبح الهانبوك للمناسبات الرسمية فقط، كالأعراس والحفلات الوطنية، ولأصحاب المناصب العالية كالمسؤولين الحكوميين.
الأزياء الكورية العصرية:
إن للأزياء الكورية أساليب فريدة، خاصة بالنسبة للبساطة في التنسيق التي لم تتمكن أي دولة من تكرارها أو تقليدها والتغلب عليها، كما تميز الشعب الكوري بالسلام وبحسب ما اطلق عليهم مسمى ” الشعب الأبيض ” تتميز الأزياء الكورية أيضاً بكثرة استخدامهم للون الأبيض بأغلب تصاميمهم، والألوان الهادية التي تتراوح بين الأسود والأبيض والوردي ومشتقاتهم من رمادي وبيج وما الى اخره.
في الآونة الأخيرة، توجه جميع أنحاء العالم نحو الستايل المريح أو مايسمى بلباس الشارع الذي تميز به الكوريون بتنسيقه ونقله للعالمية، حيث تم دمجه بشكل عصري مع الإطلالات اليومية وحتى على المسرح نراه من مايميز به مغنون الهيب هوب الكوريين وغيرهم، مثل القمصان كبيرة المقاس “الأوفر سايز” والبناطيل الواسعة و القمصان القصيرة أو مثلا الأحذية كبيرة الحجم وبلوزات كبيرة الحجم للغاية.
ومن “ملابس الشارع” أيضاً ملابس الرياضة الكورية الشهيرة، مثل البناطيل الواسعة أو تنانير التنس القصيرة مع معطف رياضي لماركة “أديداس” مثلاً.
وبالحديث عن الملابس الرياضية، تم تعاون أكبر الماركات الرياضية مع مشاهير كوريين، ومن أشهر هذه الماركات كانت : بوما وأديداس وفيلا ونايكي والكثير من الماركات الرياضية المعروفة.
ملابس وأطقم ” القطعتين”:
منذ بداية سنة 2020 قد تم جذب الأنظار نحو الملابس ذات القطعتين أو مانسميه في عالم الموضة “بالأطقم”، وهذه الموضة تعود للكوريين منذ أكثر من عشر سنوات حيث أنها من أكثر مايتميز به الكوريون، حيث أن هذه الأطقم تتكون من نفس القماش ونفس الألوان أونفس تدرج الألوان.
أما عني أنا شخصياً، في الأوان الأخيرة ما أثار انتباهي في مايخص تنسيقات الكوريين هي كثرة استخدامهم للجوارب الطويلة وحصراً البيضاء التي تختلف بالطول والقماش، وكيف أنهم جعلوها يمكن أن تتناسب مع جميع أنواع الملابس، من الملابس الرياضية والكاجوال وحتى الملابس الرسمية، وكثرة استخدامهم لها بالأخص مع التنانير والفساتين القصيرة.
أيقونات الأزياء الكورية فرقة “بلاك بينك”
بالنسبة للنساء الدليل الأول لنا لاتباع موضة الأزياء الكورية العصرية هو فرقة “بلاك بينك”. فلا يمكنني ختام هذا المقال دون ذكر الفرقة الكورية “بلاك بينك” الأجمل في تنسيقات الملابس، وأكثر النساء الكوريات إثارة وجمال، الفرقة التي أصبحت تعتبر من أيقونات الموضة وأكثر النساء “ستايلش” كما نقول نحن الشباب.
حيث أن مايميزهن في عروضهن على المسرح هو رقصهن واختيارتهن للملابس الأنيقة والمثيرة في اَن واحد والتي تمتاز بالتحدي ومن الممتع للنظر مع اَدائهن هو كثرة معرفتهن لاختيارهن لتناسق الألوان لأزيائهن، وغير أنهم أصبحوا سفراء لعلامة أديدس التجارية.
في الختام؛ لايخفى عن أنظارنا بأن الفنانين الكوريين أصبحوا أيقونة من أيقونات الجمال والموضة، مما جعل الماركات العالمية المعروفة بجعل الكثير والكثير من الفنانين الكوريين سفراء لعلاماتهم التجارية بسبب جمال ما يقدمونه للموضة من تنسيقات وأفكار غريبة تميزهم كشعب كوري، حيث أصبحوا سفراء لكبرى الماركات العالمية بشكل يليق بهم، مما زاد مبيعات جميع الماركات العالمية التي كانت الراعي الرسمي لهم بشكل يفوق الخيال بحسب الأرقام والإحصائيات.
لذلك عزيزي القارئ لا يمكننا اطلاقاً عند الحديث عن الموضة ألا نذكر الكوريين وروعة اختياراتهم لأزياء العصر هذا، إنهم نقلوا أفكارنا عن الأزياء نقلة نوعية، تجعلنا نخلق من فستان عادي أسود اللون، إلى فستان يلفت جميع الأنظار بكمالياته التي جعلت منه فستان مميز الشكل كأنه يعود لماركة عالمية كبيرة.
ملاحظة أخيرة عن الستايل الكوري إن أردت أن أجربه:
الكماليات ليست بشيء ثانوي يمكنني أن أستغني عنه ما دامت القطع الأساسية موجودة، فقد أصبح القميص الأبيض الطويل تحت البلوز الأسود الذي أرتديه حالياً أهم من وجود البلوز بحد ذاته، وعلي أن أتذكر أن ما نسميه نحن بالأكسسوار من سكارف وأقراط وجوارب طويلة هي قطع أساسية لتخلص ملابس من الملل وتنقلها إلى التميز.
