التريند حينما يجرح المحتاج ويجرحنا

2 أوغست 2023

لما قنطار – كاتبة سورية

يٌحكى في قديم الازمان التي باتت بعيدة ولكنها قريبة أنه كان يوجد أشخاص مليئين ماديا يقومون بالإحسان لعائلات أحيائهم المحتاجة دون دراية أحد من أهالي الحي على مبدأ أن الكل سواسية وحتى لا يٌعيّر أحد بفقره ويٌروى أيضاً أن كثير من التجار بعدما توفاهم الله وجد في خزائنهم أسماء العائلات المستورة التي يتبرعون لها كل شهر على قدر المستطاع.

تذكرنا هذه الروايات بمصطلح جديد اسمه التريند لو كانوا هؤلاء المتبرعين يعلنون عن إحسانهم لكانت أسمائهم رنانة حتى وقتنا هذا ولكانت أهم تريند هي سفينة الروزنا التي حتى الآن نردد كلمات الأغنية التي كُتبت عنها، تطورت الأيام وللأسف مع تطورها تطورت أشكال الحاجة منها المادية ومنها الفكرية والأهم الحاجة الإنسانية، نعم نحن بحاجة لنمارس إنسانيتنا برقي تام بعيدا عن الأضواء نتبرع بأن لا تدري الكف اليمين بما تعطي الكف اليسار لأن مجرد فكرة العطاء تشعرك بالفرح المطلق كونك قدمت مساعدة أياً كان نوعها.

ثم ظهرت ما تُسمى منصات العطاء غير المسؤولة عن الإحساس بالآخر إلا أمام كاميراتهم المحمولة مترافقة مع حالة من السخف ومع الكثير من الاستفزاز ليقدموا للمواطن المحتاج أمام الكاميرا هدية أو ما يحتاج! هل هذا يُسمى عطاء؟ هل هذا يندرج تحت بند الرحمة والرفق بالآخر ؟ إنه لا يندرج إلا تحت مسمى الذل رغم كل ما يمر به مواطننا ليظهروا على أكتافه أنهم قمة في الحنان وبالتالي الوصول إلى تسمية لا معنى لها وهي التريند.

ابحثوا عن المحتاج بصمت وقدموا بصمت فيكون لتريندكم معنى أسمى وأرقى. توقفوا عن التلاعب بمشاعر الناس وأحلامهم، ولاتسألوهم أمام كاميراتكم المغبرة كيف حالكم لأنكم أدرى بحالهم، عودوا لأحاسيس أجدادنا عودوا لكتمان العطاء كي تعيشوا فرحاً حقيقياً بعيدا عن زيف عدساتكم انشروا الفرح بالعطاء ولكن بالكتمان لأنه أرقى.

حققوا تريندكم المزيف بعيدا عن مشاعرنا كونوا لطفاء كي يلطف القدر بنا، كونوا رحماء كي نجد الرحمة في قلوب بعضنا حتى نستطيع أن نعيش بقليل من السلام.

 

قد يعجبك ايضا