الذكاء الاصطناعي في الجراحة…ثورة تكنولوجية أم وهم طبي

نص خبر ـ متابعة 

عرف د.مجد الحدادين استشاري الجراحة العامة وجراحة الجهاز الهضمي بمستشفيات الحمادي  الذكاء الاصطناعي (AI) بأنه دراسة الخوارزميات التي تمنح الآلات القدرة على التفكير وأداء الوظائف المعرفية مثل:حل المشكلات، والتعرف على الأشياء والكلمات، واتخاذ القرار، وكان يُعتقد سابقًا أن الذكاء الاصطناعي مجرد خيال علمي، ولكنه أصبح بشكل متزايد موضوعًا للأدبيات الشعبية والأكاديمية حيث وصلت سنوات من البحث أخيرًا إلى عتبات المعرفة التي ولدت بسرعة تطبيقات عمليةومنها التطبيقات العكاية في مجال الطب والجراحة.
ولفت الى أنه على مدى السنوات كان استعمال الآلات موضعَ خوفٍ للإنسان خاصة عند استعمالها بغرض طبي أو جراحي،لكنها في النهاية أصبحت مقبولةً ومُنتظرةً بشغف. فقد شرع المجتمع في دمج الآلات البسيطة في سير العمل البشري، وأحدثت الثورة الصناعية الناتجة عنها نقلةً نوعيةً في الإنتاجية وجودة الحياة. وبالمثل،أثار الذكاء الاصطناعي الرهبة وأثار الخوف لدى الناس الذين يواجهون الآن تقنيةً لا يمكنها التفوق على مُبتكريها فحسب، بل قد تتجاوزهم في التفكير أيضًا.حيث ما زال الكثير من الاطباء وخاصة الجراحين منهم وانا منهم لديهم الكثير من المخاوف من تداعيات دمج الذكاء الاصطناعي والاعتكاد عليه بشكل كبير في عالم الجراحة. لذلك،من المهم للجراحين أن يمتلكوا معرفةً أساسيةً بالذكاء الاصطناعي لفهم تأثيره المحتمل على الرعاية الصحية، ولدراسة طرق تفاعلهم معه.
إن الوعد الذي يحمله الذكاء الاصطناعي يكمن في التطبيقات التي تجمع بين جوانب كل من المجالات الفرعية مع عناصر أخرى من الحوسبة مثل:إدارة قواعد البيانات ومعالجة الإشارات.
إن الإمكانات المتزايدة للذكاء الاصطناعي في الجراحة تشبه التطورات التكنولوجية الحديثة الأخرى,مثل:الهواتف المحمولة والحوسبة السحابية التي نشأت من تقاطع التقدم الهائل في كل من الأجهزة والبرمجيات,بما معناه أنه مع تقدم الأجهزة، يتقدم البرمجيات أيضًا والعكس صحيح.
وعلى سبيل المثال في اسثخدام الذكاء الاصطناعي في الطب السريري: تتضمن التطبيقات السريرية لمثل هذا العمل الاستخدام الناجح للتعلم العميق لإنشاء خوارزمية رؤية حاسوبية لتصنيف صور الهواتف الذكية للآفات الجلدية الحميدة والخبيثة بمستوى دقة يعادل مستوى دقة أطباء الجلد.
وعلى الصعيد العملي,ركزت المحاولات المبكرة لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز المهارات التقنية على مآثر صغيرة ومهام البسيطة مثل: الخياطة الجراحية وربط العقدعن طريق روبوتات مبرمجة.
في حين أن الجراحة الروبوتية ذاتية التشغيل ستظل بعيدة المنال لبعض الوقت،فمن المرجح أن يُعزز التآزر بين مختلف المجالات قدرات الذكاء الاصطناعي في تعزيز الرعاية الجراحية.حيث يكمن جزء كبير من إمكانات الذكاء الاصطناعي السريرية في قدرته على تحليل مجموعات من البيانات المنظمة وغير المنظمة(مثل:ملاحظات السجلات الطبية الإلكترونية، والمؤشرات الحيوية،وقيم المختبر،وغيرها من جوانب “البيانات الضخمة”) لدعم القرارات السريرية ولكن بدون تدخل عملي لا يكون فيها للانسان او الجراح الخبير أي دور.
وكما هو الحال مع أي تقنية جديدة، فإن الذكاء الاصطناعي وجميع مجالاته الفرعية،عرضة لتوقعات غير واقعية ناجمة عن الضجيج الإعلامي، مما قد يؤدي إلى خيبة أمل كبيرة.فالذكاء الاصطناعي ليس “حلاً سحريًا” يُجيب على جميع الأسئلة.فهناك حالات تتفوق فيها أساليب التحليل التقليدية على التعلم الآلي،أو لا تُحسّن فيها إضافة التعلم الآلي نتائجها.وكما هو الحال في أي مسعى علمي، يتوقف استخدام الذكاء الاصطناعي على مدى صحة السؤال العلمي المطروح، وامتلاك البيانات المناسبة للإجابة عليه.
لذلك,ينبغي على الجراحين باعتبارهم أصحاب المصلحة الرئيسيين في تبني التقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي للرعاية الجراحية،أن يسعوا إلى فرص الشراكة مع علماء البيانات لالتقاط أشكال جديدة من البيانات السريرية والمساعدة في توليد تفسيرات ذات مغزى لتلك البيانات.حيث يتمتع الجراحون بالرؤية السريرية التي يمكن أن توجه علماء البيانات والمهندسين للإجابة على الأسئلة الصحيحة بالبيانات الصحيحة، بينما يمكن للمهندسين توفير حلول آلية وحسابية لمشاكل تحليل البيانات التي قد تكون مكلفة للغاية أو تستغرق وقتًا طويلاً للطرق اليدوية,ولكن يجب ان تكون هذه الثورة في مجال الذكاء الاصطناعي الجراحي,مقيدا بأخلاقيات المهنة ويضمن سلامة المرضى بعيدا عن أي تعقيدات أو مضاعفات قد تنتج عن الذكاء الاصطناعي الجراحي.
د. مجد نواش الحدادين
استشاري الجراحة العامة وجراحة الجهاز الهضمي بمستشفيات الحمادي بالرياض

قد يعجبك ايضا