السوشال ميديا في حرب غزة: لا صوت للعرب! تقييد وتكميم وحجب

15 أكتوبر 2023

خاص – نص خبر

منذ أول اقتحام لحركة حماس الفلسطينية لقطاع غزة انقسمت الرواية عبر شبكات الأخبار ومنصات التواصل الاجتماعي، بين مؤيد ومعارض وبين زائف وحقيقي وظهرت موجة من المعلومات المضللة ومقاطع الفيديو المزيفة جنبًا إلى جنب.

في مجتمع “التكنولوجيا أولا”، من الصعب على نحو متزايد التمييز بين المعلومات الحقيقية والادعاءات الكاذبة أو محتوى الفيديو المضلل عمدا. من الواضح أن العديد من مقاطع الفيديو ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي والصور التي يُزعم أنها تتعلق بالصراع بين إسرائيل وحماس هي مضللة عمدًا.

تسلط هذه المشكلة الضوء على أهمية جهود التحقق التي يبذلها الصحفيون الذين يغطون الصراعات. وفهم كيفية عملهم أمر مهم لضمان ثقة الجمهور فيما يقرؤونه ويرونه من ناشري وسائل الإعلام.

التزييف والتضليل الإعلامي

بيّن تقرير الأخبار الرقمية لعام 2023 الصادر عن معهد رويترز التابع لجامعة أكسفورد، في استطلاعٍ له على أشخاص من 46 دولة حول عاداتهم في استهلاك الأخبار حجم قلة الثقة المتزايدة في وسائل التواصل. وقال 56% منهم بأنهم قلقون بشأن تحديد الفرق بين ما هو حقيقي ومزيف على الإنترنت عندما يتعلق الأمر بالأخبار، مقارنة بـ 54% في عام 2022.

هناك قلق متزايد بين الجماهير في المناطق القريبة من الصراع العنيف. وكما وجد استطلاعنا، في سلوفاكيا، إحدى الدول المتاخمة لأوكرانيا، قال ما يقرب من نصف العينة إنهم شاهدوا معلومات مضللة حول الصراع في أوكرانيا في الأسبوع السابق. وهذا ضعف النسبة التي قالت ذلك في المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة أو اليابان.

وقد أشارت العديد من التقارير الإعلامية إلى زيادة كبيرة في المنشورات المزيفة حول الصراع بين إسرائيل وحماس على موقع تويتر (المعروف الآن باسم X) حيث أجرى مؤخرًا تغييرات كبيرة في كيفية عمله. وأشارت صحيفة الغارديان إلى بيانات من شركة المراقبة الإسرائيلية Cyabra، التي تغطي المعلومات المضللة عن الانتخابات الأمريكية وتتتبع حسابات الروبوتات على تويتر، لتوضيح مستويات المنشورات المزيفة.

ادعى Cyabra أن العديد منها جاء من حسابات مزيفة – باستخدام الروبوتات الآلية – والتي كانت نشطة للغاية على Twitter وTikTok ومنصات أخرى. قام Cyabra بمسح أكثر من مليوني صورة ومنشور ومقطع فيديو. وزعمت أنه من بين 162 ألف ملف شخصي، كان 25% منها مزيفًا.

 

كيف يمكن أن نتحقق من المصادر؟ الإسرائيليون يزيفون!

في السنوات القليلة الماضية، كان لدى العديد من وسائل الإعلام التقليدية أذرع قوية لتدقيق الحقائق، وكانت ترصد الأخبار ومقاطع الفيديو المزيفة بسرعة. على سبيل المثال كانت قناة بي بي سي. تهدف من خلال خدمة BBC Verify للتحقق، والتي بدأت في عام 2023، إلى بناء ثقة الجمهور من خلال إظهار مدى معرفة صحفييها بدقة ما ينقلونه. إذ يستخدم فريق الصحفيين أدوات وتقنيات تحريرية متقدمة للتحقيق في المعلومات والفيديو والصور ومصدرها والتحقق منها.

قامت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC Verify) بوضع علامة على مقاطع الفيديو ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي حول إسرائيل وغزة التي وجدت أنها إما غير صحيحة أو مضللة. في حالة الهجوم الذي شنته حماس على مهرجان سوبر نوفا في منطقة نائية بجنوب إسرائيل، قامت أدوات التحقق من الحقائق، بما في ذلك BBC Verify، بتجميع الأحداث معًا للتحقق من دقة الادعاءات باستخدام منشورات الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي، ولقطات كاميرا داش كام من السيارات المتوقفة وتكنولوجيا التعرف على الوجه. مثل برنامج Amazon Rekognition.

كما قامت AP Fact Check و Reuters بمعالجة المعلومات الخاطئة عبر الإنترنت. ومن الأمثلة الحديثة على ذلك كيف قامت رويترز بالتحقق من صحة مقطع تم تداوله عبر الإنترنت مع ادعاء كاذب بأن الفيديو أظهر كيف كان الإسرائيليون يحاولون إنشاء لقطات مزيفة للوفيات. وسبق أن سلطت وكالة الأنباء الضوء على أصول هذا المقطع السينمائي عندما تم نشره سابقا في عام 2022.

وقالت رويترز في تحليلها: “لكن الادعاءات بأن المقطع يظهر إسرائيليين وهم يزيفون لقطات الموت هي ادعاءات كاذبة. وسبق أن تناولت رويترز المقطع عندما تمت مشاركته في عام 2022 بادعاءات أنه يظهر فلسطينيين وهم ينفذون عملية قتل وهمية، وذكرت أنها تظهر لقطات من وراء الكواليس لإنتاج فلسطيني. وأضافت أن ما يظهره المقطع فعليا هو تصوير فيلم Empty Place وهو فيلم قصير صدر عام 2022 على موقع يوتيوب.

موقع مهرجان موسيقي بالقرب من الحدود مع قطاع غزة في جنوب الكيان المحتل حيث قُتل رواد المهرجان خلال هجوم شنه مسلحون من حماس. وفي هذا المهرجان كان هنالك مهرجاناً موازياً للتزييف.
يبدو أن التحديات طويلة الأمد حول منصات وسائل التواصل الاجتماعي، واعتماد الناس عليها كمصادر للأخبار، وذلك لما لها من تأثير على مدى ثقة الناس بشأن المعلومات التي يصادفونها. ولذلك، أكثر من أي وقت مضى، هناك حاجة إلى جمع أخبار يمكن التحقق منها وواضحة وقائم على الحقائق. يحتاج الصراع العنيف إلى اهتمام وتواصل مسؤول وحساس وفي الوقت المناسب من الصحفيين في جميع أنحاء العالم.

 

الانحياز .. التكميم.. تسكيت الصوت العربي

جرّب أن تكتب “بوست” مناصر لفلسطين على الفيس بوك أو انستغرام أو أي منصة مملوكة لـ”ميتا”، فهو إما سينذرك أو يوقف نشاطك أو يمنع الحركة والمشاهدة على ما كتبت.. لقد بلغ الأمر على وسائل التواصل إلى حد تكميم الأفواه المناصرة للفلسطينيين، بل وحتى خارج الإعلام، هنالك اليوم في أوروبا من يطرد من وظيفته وجامعته بسبب موقفه المناصر والداعم لفلسطين.

صحيفة الشرق الأوسط كتبت عن هذا الانحياز وعرضت تجربة الصحافية الفلسطينية نسرين الرزاينة، بأن ما تكتبه على صفحتها الخاصة بموقع «فيسبوك» يتم حذفه، بعدما بدأت في نقل ما يدور على أرض وطنها منذ أن شنّت إسرائيل هجومها على غزة رداً على هجوم حركة «حماس» المُسمى بـ«طوفان الأقصى».

تقول الرزاينة: إن المحتوى الفلسطيني يتعرّض للحذف، ومنشوراتها لا تصل للمتابعين أو ما يطلق عليه «قلة الريتش»، خصوصاً صور الأطفال الذين يتعرضون للعنف من قبل الجيش الإسرائيلي. في الوقت الذي تؤكد فيه وصول رسائل لها من الموقع تفيد التقييد.

وأفادت تقارير إعلامية بأنه يتم إخفاء الوسوم المتعلقة بـ«حماس» و«طوفان الأقصى»، في الوقت الذي ارتفعت فيه حصيلة القتلى في قطاع غزة، نتيجة القصف الإسرائيلي، إلى 2215، بينهم 724 طفلاً، وفق آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس»، صباح يوم أمس السبت.

وبسبب موقف إيلون ماسك المناهض لتكميم الأفواه، فقد فتحت وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية النار عليه، فكتبت abc نيوز: “على الرغم من أن تويتر ناضل دائمًا في مكافحة المعلومات الخاطئة حول الأحداث الإخبارية الكبرى، إلا أنه كان لا يزال المكان الأمثل لمعرفة ما يحدث في العالم. لكن الحرب بين إسرائيل وحماس سلطت الضوء على كيف أن المنصة التي تحولت الآن إلى X أصبحت ليس فقط غير موثوقة ولكنها تعمل بنشاط على الترويج للأكاذيب”.

وقد استدعت وزيرة التكنولوجيا البريطانية ميشيل دونيلان رؤساء شركات X وTikTok وSnapchat Google وMeta في المملكة المتحدة لعقد اجتماع يوم الأربعاء لمناقشة “انتشار معاداة السامية والمحتوى العنيف للغاية” في أعقاب هجوم حماس. وهذا يفسر جيداً تكميم الأفواه والأصوات العربية وخاصة المؤثرة منها.

 

 

قد يعجبك ايضا