إدواردو سارافال – ذا أميريكان انترست The American Interest
حان الوقت أمام المؤسسات الدولية لمساءلة الشبكة التي يديرها القطاع الخاص في النظام المالي العالمي بهدف محاربة الكليبتوقراطية (الفساد الحكومي المستفحل).
عندما تحدى الرئيس ترامب المجتمع الدولي وترك الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018، كان لديه شريك غير متوقع: جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت). حيث يوفّر سويفت البلجيكي خدمات رسائل المدفوعات والتي تعتبر جزء من كل تحويل مالي دولي تقريباً، ولذلك عندما قررت سويفت حظر بعض البنوك الإيرانية من خدماتها – على خلفية احتجاجات الحكومات الأوروبية – فقد وجهت ضربة كبيرة لاقتصاد طهران.
وفي الوقت الحالي تعد المراكز المالية الخاضعة لسيطرة القطاع الخاص مثل سويفت شركاء منتظمين في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولكن هذا عرضة للتغيير نظراً لأن واشنطن تركز أكثر على التهديدات الاقتصادية العابرة للحدود الوطنية مثل نظام الكليبتوقراطية والتهرب الضريبي، فقد يفكر مزودو البنية التحتية في مصلحتهم الاقتصادية قبل التفكير بالتعاون. إن الشراكات بين القطاعين العام والخاص أساس هش للغاية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، ويجب ألا تسمح الولايات المتحدة للجهات الفاعلة الخاصة بالتحكم في شبكة الاقتصاد الدولي، بل يجب أن تسعى إلى التعاون العالمي لإنشاء نظام أفضل.
بدأت هذه “البنى التحتية” كطرق لتسهيل التجارة ثم أصبحت مركزية لعمل التمويل العالمي، وأصبحت الآن مكونات رئيسية لقوة الولايات المتحدة، لذا يعد تهديد سويفت أحد أقوى الأسلحة في الترسانة الاقتصادية الأمريكية.
ومع ذلك فإن هذه البنى التحتية تزيد من محدودية رؤية سياسة الولايات المتحدة عندما تفرض معايير وأهداف ضد دول معينة. لكن السياسة الخارجية للولايات المتحدة تتغير، فقد وعد نائب الرئيس بايدن في حملة له “بسياسة خارجية للطبقة الوسطى” لتوحيد الأهداف الخارجية والمحلية واستهداف اللجوء الضريبي والفساد على أنهما “دوافع لعدم المساواة”. وهذا يعني مواجهة عالم يختبئ فيه 8٪ من ثروة الأسر العالمية في الملاذات ضريبية.
إن البلدان التي تمكّن التهرب الضريبي أكثر ارتباطاً بالنظام المالي العالمي. سيكون من الصعب على تدابير الإنفاذ إقناع البنى التحتية بالضغط على هذه البلدان أو البنوك. قد يصاب المدعون بالإرهاق قبل مواجهة السلطات القضائية الأوروبية الكبرى، وقد يختار صانعو السياسة في الولايات المتحدة المصالحة عبر الأطلسي بدلاً من المزيد من المواجهة فيما يتعلق بإنفاذ الضرائب. بالإضافة إلى ذلك، سيكون من الصعب الاعتماد على المصلحة الذاتية للقطاع الخاص حيث ستكون مصالحهم المالية على المحك أكثر بكثير مع الملاذات الضريبية مقارنة بإيران.
في إحدى الحالات المتطرفة، مكّنت هذه البنى التحتية الجهات الفاعلة غير الحكومية من فرض نفسها على الحكومات ذات السيادة، وكمثال، مكّنت البنى التحتية لخدمة السندات صناديق التحوط من فرض إرادتها على حكومة الأرجنتين، وفي مواجهة أمر محكمة اكتشفت بوينس آيرس أنها لا تستطيع الدفع لجميع حاملي السندات الآخرين من خلال البنى التحتية التقليدية للدفع طالما أنها ترفض دفع أموال التحوط.
يمكن أن يؤدي تعاون البنى التحتية الخاضعة للرقابة الخاصة مع الأجندات المتنافسة إلى الإضرار بأهداف الولايات المتحدة المناهضة للفساد والتهرب. إن البلدان التي تستفيد حالياً من التهرب الضريبي والهيكل المالي غير العادل للاقتصاد العالمي ستحارب هذه الإجراءات الأمريكية وتحاول التأثير على مزودي البنية التحتية.
إن تحويل البنى التحتية للتمويل العالمي إلى منظمات دولية سيكون له تكاليفه، فاليوم غالباً ما تسمح العقوبات لواشنطن بالحصول على ما تريده بسرعة وبشكل أحادي، وتجنب الصداع الدبلوماسي الذي يصاحب عملية صنع القرار متعدد الأطراف. وبالفعل قد يؤدي جعل خدمة السندات أو معالجة المدفوعات مسؤولية مشتركة للحكومات الدولية للمزيد من الجمود والمشاحنات الدولية المرتبطة بالأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.
سيكون تحقيق هذا الهدف خطة بعيدة النظر للولايات المتحدة.