الصهاينة في الأدب العالمي.. لعنة حقيقية


21 أكتوبر 2023

لم تفلح الحركة الصهيونية رغم امتلاكها أقوى وسائل الإعلام في العالم واستحواذها على كبرى شركات هوليوود السينمائية بتلميع صورة (اليهودي) عبر التاريخ، فقد ظل العالم ينظر إليه بعين التوجّس والريبة والرفض على الدوام. وهو ما أسموه “معاداة السامية”.

رغم كل الليبراليات والحريات والتيارات الفكرية المستمرة في أوروبا، ظل كرههم ثابتا ومثيراً للتساؤل حقاً، وإن كان يجب التفريق جداً بين الصهاينة كحركة مستعمرة واليهودية كدين، إنما أنقل ما صوره الأدب العالمي لهم، فقد عامل العالم اليهودي بوصفه ابن حضارة لا ابن دين مثل الفينيقي او الفرعوني على سبيل المثال، ذلك لأنهم أيضاً يتجمعون في تجمعات خاصة بهم ويمارسون طقوساً “اجتماعية” واحدة.

ففي الأدب العالمي نستطيع أن نلخّص صفة اليهودي فيها بأنه “مهووس بالمال، جشع إلى درجة مهينة إنسانياً، وغير إخلاقي على الدوام، بل وقاتل في نهاية الأمر”.

ويشير لويس هاراب Louis Harap المؤرخ والفيلسوف اليهودي، إلى أن أول كتاب في التاريخ يصف اليهود بأنهم “بشر ولهم إمكانيات وخصائص بشرية” كان كتاب “ناثان الحكيم” 1771، لمؤلفه “جوثولد ليسينج”.

طرد اليهود من انجلترا لأول مرة عام 1290 وظلت صورتهم على تلك الشاكلة في عصر النهضة وما بعده حتى القرن العشرين، ويقول بيرنسون إن شكسبير بنى صورة “شايلوك” في تاجر البندقية والتي أصبحت الصورة النمطية للجشع اليهودي على حكايات كانتربري الشعبية التي كتبها جيفري تشوسر أواخر القرن الرابع عشر، وفيها يصفهم بالقتلة والسرّيين والغامضين.

وكانت مسرحية “يهودي مالطا” أول مسرحية تبرز اليهودي كمختل عقلي في الأدب الإنكليزي، حيث يظهر كاتبها كريستوفر مارلو شخصية “باراباس” بأنه يستغل ثقة الناس باللعب على رغباتهم ليقتلهم لاحقاً.

في رواية “أوليفر تويست” يصور تشارلز ديكنز شخصية “فاغين” بأنها مثيرة للإشمئزاز وغير أخلاقي وبخيل لدرجة غير منطقية”، وكذلك شخصية “سفينجالي” في رواية Trilby لجورج دو مورييه حيث يظهره كموسيقي بارع متهتك ومنوم مغناطيسي، وهذا أمر يتكرر تقريباً في كل الأعمال، وأعني تصوير اليهود بأنهم فائقو البراعة في أعمالهم كسب الناس ثم خداعهم.

ولعل جيمس جويس في “يوليسيس” هو الوحيد الذي خالف الصورة النمطية لليهودي في تلك الحقبة، إذ تتصف شخصية “بلوم” بأنها موقرة وعميقة.

أما عزرا باوند، فهو من أشد كارهي اليهود، إذ كتب عنهم الكثير من المقالات والأخبار بل حتى وإنه في نصوصه “الكانتوس” يصور اليهودي بأنه جشع ويحب التحكم في الاقتصاد ويعمل لأن يحتاج الناس إليه، بل وحتى أن اسم هذا الجشع في قصائد كانتوس كان “روتشيلد” وغيّره الناشر في آخر لحظة إلى “استينكشولد”.

وأقتطف من عزرا باوند هذا المقطع الذي وصمه لاحقاً بالفاشي: “إن كبار اليهود يرتبطون برأس المال ويشكلون معه شيئاً واحداً، كما يرتبط صفار البيض ببياضه، بعد خفقه في الآنية، ومن الأفضل لكم أن تعتزلوا في دير بيشاير، ومن الخير أن تعتزلوا في جنوسستر وتبحثوا عن بقعة هي بريطانية بالفعل، وتمضوا حياتكم فيها، عن أن تذهبوا إلى الحرب من أجل اليهود، إن كبار اليهود أفسدوا كل أمة انتشرت ديدانهم فيها. هل هو حجر الرحى الذي نربطه في العنق ليدفع الغريق إلى القعر”.

بل وحتى فولتير الذي ينادي بالتسامح الإنساني ونبذ أي تفرقة يصفهم في روايته الشهيرة كانديد Candide بأنهم جشعون وغير نزيهين. ومثله بلزاك في “الكوميديا الإنسانية” حيث وصفهم بأنهم: “ماكرون، يتلاعبون بذكاء، أصحاب عقلية واحدة في الحصول على المال”. جورج ساند بدورها، وصفت إحدى الشخصيات اليهودية في عملها “المسيسبيون”، بأنه “شايلوك في ثياب جديدة”.

في الأدب الألماني حدّث ولا حرج، ولعل أشهر الشخصيات اليهودية هي الطبيب في دكتور فاوست بنسختها الشعبية الأولى المنشورة عام 1587 حيث يطلب الطبيب مقابل المال ساقاً من فاوست كرهنٍ مقابل للقرض.

ناثينال هوثرون الأديب الأمريكي صاحب “الحرف القرمزي” يصفهم بأنهم: “أبشع الناس وأكثرهم شروراً، وأنهم طفيليون ومقرفون يشبهون دود الجبن”.

لقد ظلت هذه صورتهم في كل العالم، روسيا وأوروبا وأمريكا، ويحددها الأمريكي هنري جيمس بصفات جسمانية ونفسية بأنهم: “متسلقون اجتماعياً، مهووسون بالمال، مبتذلون، ومضطربون نفسياً، ذوو أنوف معقوفة وشعر أحمر وأعين تقدح بالشر والغدر”. ويوافق جيمس الكاتب الشهير جاك لندن في روايته الشهيرة “مارتن إيدن”.

الأدب الروسي كان الأكثر كرهاً لليهود، ولم تسلم الشخصية اليهودية من أكثر الكتّاب رأفةً وحناناً بوصفهم بالضعة والوضاعة. فمن بولجارين إلى غوغول ومن تورجينيف وصولاً لديستويفسكي يتفقون على تصوير اليهودي بأنه سخيف ومضحك على أقل تقدير.

قد يعجبك ايضا