الكِتابة وثقافة الجماهير.. بين أدونيس وعائشة السيفي

د. حسين العبدالله الشمري – العراق

حريٌّ بي أن أبدأ “بأنتونيو غرامشي” ونظريته الهيمنة الثقافية التي تُمارسها السلطة على المجتمع، تأطير النّاس في جوٍ ثقاقي واحد مع إقصاء للثقافة الأخرى، لكن هذه الهيمنة لا تتم إلا بالتسليع الثقافي للثقافة وجعل ظاهرة ثقافية ثقافة جماهيريّة، هل يمكن لي أن أعتبر أدونيس سلطة؟ وأن نصوصه سِلعة ثقافية بفعل الإعلام المروج له؟ وهل هو دولة كما يزعم في إحدى ندواته؟

يكتسح أدونيس الثقافة السائدة اليوم بل يمكن أن نعتبره الوجه الأكثر ألفة للجيل الجديد المعني بالشعر والثقافة ولا يكاد ينجو أحد من سطوة أدونيس المهيمنة على الوعي الثقافي العربي، بل أصبح الشعراء يكرسون هذه الهيمنة في أن يجدوا وسيلة لأن يقدمهم أدونيس للعالم من خلال مؤلفاتهم الشّعريّة. هل يا ترىُ هذه الدولة الأدونيسية قائمة بمنجزها الشعري أم بالتسليع لثقافة أدونيسية للجماهير ؟

يطيب لي أن أقترح نموذجاً شعريّاً للشاعر أدونيس كتبه على صفحته في الفيس بوك يقول فيه:

“مقطع من قصيدة أوراق في الريح”

يتّكئْ السجنُ على قَملتينْ:

إحداهما حُبلى،

وتلك التي ماتت، تصبّ الأكل في قَصْعتينْ.

يا شمعةَ المستقبل البصيرَهْ، مالي أخاف الطّرُقَ القصيرَهْ؟

أحسّ المغيّب ينبت قربي:

خطايَ اكتشافٌ وسيريَ أبعدُ من كل دربِ”.

لماذا أغفلت الجماهير المثقفة نص أدونيس هذا وكيف لقملةٍ أن يتكئ عليها السجن! وهل هذه الجملة قابلة للتأويل؟ وفيما لو أننا أولناها، فما هو المعنى الذي يمكن أن تحيل إليه؟

إن أسم أدونيس يتيح له التلاعب بنا كيف ما يشاء و أن يمرر فذلكاته اللغوية بحريّة في ظل غياب النقد وتخوفه من أن يطال رمزا وأيقونة جماهيرية، بينما يمكن لهذه الجماهير المثقفة أن تكتسح عبر الميديا وجود عائشة السيفي فقط لأنها نظمت في قصيدتها جملة لم تكن موفقة “قط يطير برجلين، جبل على تلّة يجلس القرفصاء”.

نجد المفارقة في التلقّي الجماهيري المثقف لعائشة السيفي وطبيعة ردود الأفعال وماهية الخطاب النقدي الذي تنوع بين ناقد وشاعر ومثقف و قارئ و محب للشعر، لكن السؤال الذي يشغلني دائماً، هل كانت عائشة السيفي سيئة في البرنامج عموما بل في شعرها بشكل عام أم في جملة واحدة فقط؟.. لماذا لم ينتبه المثقف المعني لأعمال أدونيس عامةً ويحصي القصائد التي تبنى على فذلكات لغوية و رصف لا معنى له؟

إن هيمنة الأسماء على الذاكرة الثقافية ممتدة زمنيّاً وموغلة في القدم فالشاعر الذي لا يجوز المساس بهِ يكاد يكون مقدساً إن لم يكن في الثقافة ويبدو أن أدونيس اليوم هو السلطة الشعرية الأسمى التي لا يجب أن تمسّ.

قد يعجبك ايضا