النادي الثقافي العربي يحتفي بالراحل خالد خليفة

26 نوفمبر 2023
نص خبر  – متابعة
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، ندوة بعنوان “خالد خليفة، حارس أحلام المدينة”، وذلك بمشاركة الشاعر حسين درويش، والفنان ماهر صليبي إلى جانب الناقد د. هايل الطالب، حيث أدار الأمسية الأديب السوري إسلام أبو شكير.
وقد استهل أبو شكير الندوة بكلمة افتتاحية مؤثرة جاء فيها: “أرسل لي قبل أيام الصديق الشاعر والفنان التشكيلي منذر مصري رابطاً لمادةٍ له في أحد المواقع الثقافية، ومعها ثلاثُ كلمات: (عنكَ بطريقةٍ ما)..
منذر مصري
وبدافع الفضول بدأت قراءة المادة. الأسطرُ الأولى كانت كافيةً لأعرف ما الذي كان منذر يعنيه بهذه الكلمات. كان يتحدث عن خالد خليفة، وتجربته في الرسم. وكان محقّاً، فالكلام عنّي أيضاً، مع أنه لم يذكر اسمي على الإطلاق، ولو تلميحاً، مجرّدَ تلميح..
اسمحوا لي أن أتوقف عند هذه النقطة لألقي الضوءَ عليها قبل أن أنقل الحديث إلى الأصدقاء ضيوف هذه الجلسة، وهي نقطةٌ تعني الكثير لخالد، ذلك أن الرسم كان اكتشافه الأخير، وقد منحه من وقته وجهده وطاقته الإبداعية، وبالقدر نفسه من الحماس والصدق، ما منحه من قبل للرواية، وللدراما، وللشعر؛ ومع الرواية والدراما والشعر والرسم: الحياة – الحياة التي مارسها خالد فناً من الفنون.. تماماً كما لو كان يكتب، أو يرسم، أو حتى يغني ويرقص في سهرة مع الأصدقاء..
إسلام أبو شكير
الزمان: الأشهر الأولى من عام 2020
المكان: البيوتُ التي تحولت إلى ملاجئ محصنة خوفاً من كورونا..
الشخوص: أنا مع الألوان في مغامرة لا أدري ما الذي قادني إليها. لوحات أنشر صوراً لها على الفيسبوك في كثيرٍ من الفرح الطفولي.. منشفة، تفاحة، أريكة، سلة غسيل، حذاء قديم، سندويشة زعتر مع كأس الشاي..
ثم يطرق نافذةَ الماسنجر خالد خليفة. يناولني مجموعةً من اللوحات، ويهمس:
– أنا أيضاً يا إسلام..
كان يخوض التجربة نفسها، وفي التوقيت ذاته، والظرف الضاغط أيضاً..
ويدور بيننا حوارٌ (تكرّر عدة مرات بعد ذلك) حول الرسم والكتابة. كنت أقول له:
– إنني ألعب في الرسم. هذا ما يهمّني.
فيعلّق:
– الموضوع جدّيّ بالنسبة لي. ليس ضروريأ أن أحترف،” بس بدّي أبقى أرسم”.
اختلافٌ يشبه الاتفاق، بين: (الموضوع جدي) عند خالد، و: (إنني ألعب) عندي..
بين الجدّ واللعب.. قالها أبو تمام، وكأنه يعنينا..
ثم أخبرني في مناسبة أخرى أنه يفكر في تنظيم معرضٍ للوحاته.. كان ذلك قبل بضعة أشهر.. قال: تحدثتُ مع منذر مصري في الموضوع..
المعرض نُظِّم الآن، ومقالة منذر التي زودني برابط لها مع عبارة (عنك بطريقةٍ ما) كانت حول الحدث.. عنوان المعرض “تمرين طويل على العزلة”. البحرين، المنامة، حديقة الأندلس، غاليري آرت كونسبت 15/11 – 6/12/2023.
المعرض، إذاً، افتُتح يوم 5/11، وخالد غادرنا يوم 1/10.. خمسة وثلاثون يوماً.. هل كان خالد سيرسم فيها شيئاً لو أنّ القدر أمهله؟
قبل أن أجيب عن السؤال أودّ القول إن لي صوراً كثيرة مع راحلين: أصدقاء، وأقارب، وزملاء، وأساتذة، ومعارف.. وسواهم.. المرة الأولى التي تتكشف لي فيها حقيقة وجودي في هذه الصور كانت من خلال صوري (وهي قليلة للأسف) مع خالد. قلت:
– صوري مع الراحلين أبدو فيها كشبح.. أكاد لا أعرفني..
إحساس مرعب، قديم ومتجذر، وكنت أعيشه على الدوام، ولكن دون أن أعيه. إحساس من الداخل، غامض وملتبس. وحده رحيل خالد خليفة (ولا أدري لماذا هو تحديداً، لا سيما أن وقت معرفتنا ببعضنا كان قصيراً نسبياً، واللقاءات بيننا ظلت محدودة ومتباعدة) وحده رحيل خالد خلّص هذا الإحساس من غموضه، وأخرجه أمامي ناصعاً وصافياً.. وبالفعل، أنا إلى جوار الراحلين – خالد خليفة خصوصاً – لست سوى شبح.. لا أعرفني..
أعود إلى السؤال: هل كان خالد سيرسم شيئاً خلال هذا الوقت بين رحيله، وانطلاق معرضه؟ الجواب: لقد فعلها. لقد رسم في الحقيقة. لوحةٌ فائقة الجمال رسمها خلال هذا الوقت. لوحةُ محبةٍ نعيش الآن، في هذا المكان، في هذه الساعة، بعض تفاصيلها..
أرحّب بكم..
عن الرسم تحدّثتُ.. ماذا عن الشعر؟.. ماذا عن الدراما؟.. وبالتأكيد ماذا عن الرواية؟.. دعونا نكمل..
قد يعجبك ايضا