انهيار العلاقة إيلون ماسك ودونالد ترامب.. الرواية كاملة
انهيار العلاقة إيلون ماسك ودونالد ترامب.. الرواية كاملة
بعد أربعة أشهر فقط من انضمامه إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعلن الملياردير إيلون ماسك استقالته من منصبه كمستشار ضمن “هيئة الكفاءة الحكومية” (DOG)، واضعًا حدًا لفصل قصير لكنه حافل بالتوترات والطموحات المحبطة.
دخل ماسك، المولود في جنوب إفريقيا، المشهد السياسي الأميركي بقوة، حيث رافق ترامب عن كثب خلال القرارات المفصلية، لاسيما تلك المتعلقة بتخفيضات الإنفاق الفدرالي، وكان يُنظر إليه بوصفه أحد أبرز العقول الداعمة لإصلاح الجهاز البيروقراطي في واشنطن.
إلا أن العلاقة التي بدأت بانسجام علني وشراكة استراتيجية سرعان ما شابها الفتور، مع توالي العراقيل أمام تطبيق رؤية ماسك الاقتصادية.
وأعلن ترامب عبر منصته “تروث سوشال” قائلاً: “سيكون هذا يومه الأخير، لكن ليس فعليًا، لأنه سيكون معنا دائمًا ويساعدنا على طول الطريق”.
لكن هذه العبارات الودّية لم تخفِ “خيبات الأمل” التي عبّر عنها ماسك في الأسابيع الأخيرة، خصوصًا حيال الدور المحدود الذي تمكن من تأديته، رغم وعوده بتحقيق وفرات فدرالية ضخمة.
خيبة الطموح
كان الهدف المعلن لماسك يتمثل في خفض الإنفاق الفدرالي بقيمة تريليوني دولار، عبر إعادة هيكلة واسعة للبيروقراطية الأميركية. غير أن مجلة ذي أتلانتيك قدّرت أن الوفرات التي حققها لم تتعدَّ جزءًا زهيدًا من الرقم المستهدف، رغم تسريح عشرات الآلاف من الموظفين وإغلاق إدارات بكاملها.
في المقابل، واجهت “DOG” مقاومة شديدة من داخل المؤسسات، كما اصطدم ماسك ببيروقراطية الواقع الأميركي، الأمر الذي أثار إحباطه تدريجياً، ودفعه إلى الانسحاب والتركيز مجددًا على مشاريعه في “تسلا” و”سبيس إكس”، إلى جانب حلمه المعلن بـ”استعمار المريخ”.
الرئيس المشارك
في بدايات العلاقة، كان ماسك الداعم المالي الأكبر لحملة ترامب الانتخابية في 2024، وشكّل إلى جانبه ثنائيًا سياسيًا غير معتاد جمع بين طموحات التكنولوجيا وسياسات اليمين المتطرف.
أنشأ ترامب “هيئة الكفاءة الحكومية” – المعروفة اختصارًا بـ”DOG”، وهو اسم ساخر مستوحى من عملة مشفرة، لكنها كانت تهدف فعليًا إلى تقليص الإنفاق الحكومي وتحجيم المساعدات الخارجية.
برز ماسك في عدة فعاليات وهو يضع نظارات شمسية ويحمل منشارًا كهربائيًا، رمزًا لتقليص الإنفاق، بل وقام في إحدى المناسبات بإيماءة مثيرة للجدل شُبّهت بـ”التحية النازية”، ما أثار موجة انتقادات واسعة.
سُمي حينها بـ”الرئيس المشارك”، نظرًا لتواجده الدائم إلى جانب ترامب في المؤتمرات والاجتماعات وحتى في المكتب البيضاوي. وظهر أيضًا حاملاً ابنه “إكس” على كتفيه خلال مؤتمر صحافي داخل البيت الأبيض، وسافر مع ترامب جوًا وبرًا، وحتى شاركه مشاهدة مباريات مصارعة.
بداية الانهيار
لكن هذه العلاقة الوثيقة بدأت في التصدع منذ مارس الماضي. تقول إيلاين كامارك من مؤسسة “بروكينغز” البحثية إن الشرخ الحقيقي بدأ عندما دخل ماسك في مشادات مع عدد من المسؤولين، كان أبرزها خلاف علني مع وزير الخزانة سكوت بيسنت داخل الجناح الغربي.
كما وصف ماسك مستشار ترامب التجاري، بيتر نافارو، علنًا بأنه “أغبى من كيس من الطوب”، ما اعتبر تجاوزًا علنيًا للياقة السياسية.
في الوقت ذاته، بدأت مشاريعه التقنية تعاني من تداعيات هذا الانخراط السياسي. فقد فشلت عدة عمليات إطلاق صواريخ من قبل “سبيس إكس”، في حين عبّر مساهمو “تسلا” عن قلق متزايد حيال تأثير ارتباط ماسك السياسي على قيمة الشركة.
النهاية… المؤقتة؟
أخيرًا، انتقد ماسك مشروع قانون من إدارة ترامب، معتبرًا أنه يفاقم العجز الفدرالي ويقوّض جهود “DOG”، وأعلن أنه سينسحب من الهيئة، لكنه أضاف ساخرًا أن “DOG هي أسلوب حياة، مثل البوذية”، في إشارة إلى استمرارية الفكرة حتى بعد رحيله.
وترى كامارك أن هذه ليست نهاية القصة، موضحة:
“أعتقد أن هناك مودة حقيقية بين ترامب وماسك، كما أن ماسك يمتلك ثروة طائلة يمكن أن توظف سياسيًا. العلاقة قد تنقطع مؤقتًا، لكنها مرشحة للاستمرار بشكل أو بآخر”.