تجربة سويسرا في تعويض الانبعاثات الكربونية

3 فبراير 2024

صحافة العالم – سويسرا إنفو

يشك العالم بآلية التزام الدول حيال انبعاثات الكربون، ولكن تجربة واحدة مثيرة جعلت الأمر يبدو سهل التحقق، فقد التزمت سويسرا بخطتها في تعويض جزء من انبعاثاتها من الكربون في الخارج، بغية تحقيق أهدافها البيئية المتعلقة بتغيّر المناخ. وفي ظل شكوك العالم حيال مصداقية أسواق الكربون، ما تزال البلاد ملتزمة بإستراتيجيتها في هذا الصدد.

في شوارع بانكوك الحيوية، ومنذ عام تقريباً، يقوم أسطول أزرق من الحافلات الكهربائية، التي تتحرّك بين السيارات والدراجات النارية المزعجة، بنقل السكان والساكنات المحليين.ات وكذلك السياح والسائحات. وبالمقارنة مع سابقاتها من الحافلات، تُعتَبر هذه الحافلات أكثر نظافة، وأقل إزعاجاً، والأهم من كل ذلك، أنها غير مخلّفة للانبعاثات المضرّة بالبيئة. لكن تايلاند لا يمكنها احتساب التعويضات المستحقة عن تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (CO2) – لأن سويسرا هي المخولّة القيام بذلك.

كانت سويسرا قد حدّدت لنفسها هدفاً بالعمل بتقليل نسبة انبعاثاتها من الكربون إلى معدّل النصف، وذلك بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات الانبعاثات التي شهدتها البلاد عام 1990. ولتحقيق هذا الهدف، قامت بتوقيع اتفاقيات ثنائية مع الدول النامية مثل تايلاند، وبدعم المشاريع المتعلّقة بتحسين المناخ هناك. ويُعتبر استخدام هذا النهج أقل كلفة مالية، مقارنة بتنفيذ تدابير مباشرة داخل البلاد، للحد من الانبعاثات الضارة. وفي الواقع، تخطط سويسرا بهذه الطريقة لتوفير حوالي 43 مليون طن من مكافآت ثاني أكسيد الكربون، أو ثلث إجمالي انبعاثاتها.

وكان الاتفاق بين سويسرا وتايلاند قد تم توقيعه في عام 2022. وفي ديسمبر من العام الماضي، كان مشروع الحافلات هو أول مشروع تمت الموافقة عليه للمشاركة في سوق تداول وحدات الانبعاثات، لضمان الامتثال للمعايير البيئية. يأتي هذا في وقت تتزايد فيه الانتقادات تجاه الدول الغنية بشأن لجوئها إلى الدول النامية للحد من الانبعاثات نيابةً عنها.

اتفاقيات المناخ السويسرية مع تونس تعزيز أيضا للعلاقات الثنائية بين البلديْن

وعلى الرغم من أن الاتفاق يمثل بداية فترة تاريخية جديدة لتعويض انبعاثات الكربون بين البلدين، إلا أنها تثير أيضاً في الوقت نفسه، العديد من الأسئلة. ومن هذه الأسئلة على سبيل المثال لا الحصر: ما مدى شفافية عملية التصديق على التعويضات؟ هل تلبي مثل هذه المشاريع فعلاً الشروط المحددة في اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ؟ وهل قامت سويسرا بتوفير الوسائل اللازمة لتحقيق أهدافها المناخية من خلال ما يُعرف بتعويض انبعاثات الكربون؟

“سويسرا هي أول دولة تمكنت فعلاً من إبرام مثل هذه الاتفاقات الثنائية بنجاح”، كما يقول أكسل ميكائيلوفا، وهو باحث في جامعة زيوريخ وشريك في شركة الاستشارات “مجموعة آفاق المناخ” (Perspectives Climate Group) ، ويقدم استشارات للأمم المتحدة وللدول الفردية بشأن تنفيذ مثل هذه الاتفاقات وأسواق تعويضات الكربون. ويضيف متسائلاً: “في الوقت الحالي، هناك عدد قليل جداً من المشاريع، لأن العمل بها لم يبدأ إلا مؤخراً. ولكن إذا وجدنا أنفسنا في المستقبل أمام العديد من المشاريع القائمة في نفس الوقت، فكيف ستضمن سويسرا أن يتم التعامل مع هذه المشاريع بطريقة متساوية؟”.

من السياسة إلى التعويضات

لكن الرحلة بين اتفاق ثنائي بين بلدين ما، وصولاً إلى تبادل رصيد خفض الانبعاثات هي رحلة طويلة ومعقدة؛ فعلى الرغم من توقيع سويسرا على اتفاقيات مع 14 دولة منذ عام 2020، إلا أن عدداً قليلاً منها حتى الآن تمكن من الانتقال إلى مرحلة الاجراءات القابلة للقياس. وبالإضافة إلى المشروع التايلاندي، فقد تمت الموافقة على مشروعين مماثليْن آخريْن من قبل الحكومة السويسرية، واحد في غانا والآخر في فانواتو. ومن غير الواضح حتى اليوم، متى سترى المشاريع الأخرى النور وتبدأ في بيع رصيد الانبعاثات.

وحتى الآن، يجري التعويض عن انبعاثات في الخارج من قبَل كل من مؤسسة سويسرية تدعى “كليك” (KliK) والإدارة الفدرالية فقط. تأسست مؤسسة “كليك” من قبل مشغلي ومشغلات محطات الوقود ومستوردي ومستوردات الوقود، للوفاء بالتزامهم.هنّ القانوني في تعويض الانبعاثات. ويتم تمويل هذه المؤسسة بمقدار 8 سنتات لكل لتر من البنزين المباع للسائقين.ات. وتتراكم هذه المبالغ كرأس مال تستخدمه مؤسسة “كليك” لشراء رصيد من مشاريع بيئية في سويسرا وخارجها.

قد يعجبك ايضا