يوافق 4 مايو 2023 مرور مئة عام على ميلاد عاصي الرحباني( 4 مايو 1923-21 يونيو 1986) أحد أضلاع التجربة الرحبانية الثرية فى الموسيقى والغناء، لذا توجّب علينا التوجّه للكاتب و الناقد و الباحث الموسيقي السوري “جمال سامي عواد” بهذا السؤال :
بمناسبة مرور مئة عام على ميلاد عاصي الرحباني الشاعر والمسرحي والملحن والمؤلف الموسيقي وأحد أضلاع المربع الرحباني الذهبي (فيروز ومنصور وعاصي وزياد الرحباني).
سألنا جمال عواد: كيف ترى هذا التجربة فنيًا وعائليًا فى سياقها المحلي والعربي؟!
فأجاب: “اتصل بي اليوم صديقي الشاعر العربي المصري سامح محجوب، بعد أن كتبت على صفحتي الشخصية على موقع الفيسبوك منشوراً أهنئ فيه عاصي الرحباني ( عاصي ،هكذا بدون أي لقب) بعيد ميلاده المائة، و تمنيت له العمراً الطويل؟
أحسست من لهجة سامح المحببة بأنه يريد إخباري بلطف شديد بأن عاصي متوفي. بدأ كلامه بعبارة ” عاصي لم يمت” ، فقلت له : نعم هو الآن جالس معي و بيسلم عليك! كيف لي أن أقتنع يا سامح بأن عاصي ميت و هو في عز شبابه و حضوره و تحدياته؟
كيف لي أن أقتنع بوفاته و أنا لا عمل لي إلا أن أفهم كيف يفكر، و كيف يلحن، و كيف يتحدث، و كيف يطرح علينا حتى اليوم أحجيات، و ألغاز موسيقية و شعرية ما زالت تشغل بال كل من بقي حياً بعد طوفان العولمة؟
كيف أقتنع بموته و هو من أثبت لي بمولده و حياته، و انفجار دماغه، بأن الحب ليس علاقة بين شخصيتن، بل هو علاقة بين شخص واحد مع وطنه، مع الإنسانية، مع الكون؟
كيف لي أن أعتبره ميتاً و هو من يقوم حتى اليوم بالدفاع عن هويتنا الثقافية العربية؟
يا سامح، ويا سامع، كيف يمكن لمن استطاع أن يراكم كل تلك التغيرات الكمّية في الموسيقا العربية، و يقتنص الفرصة العظيمة في تحويل هذا التراكم إلى تغيير نوعي، شعراً و موسيقا؟
هلق يموت من صنع قالباً على شكل نحلة لأغنية “طريق النحل”؟
و من فرض احترام موسيقانا على شعوب العالم؟
و هل يموت من يمتلك هذه القدرة العبقرية على العمل لأكثر من ثلثي عمره الزمني؟
و من يمتلك تلك المهارة النادرة في كشف و استثمار كل تلك القدرات و الكنوز البشرية في الثقافة العربية، ابتداءً بكنزنا الفيروزي، و انتهاءً بمنجم زياد الرحباني، مروراً بكل الأصوات و الفنانين و الشعراء الذين صنعوا صباحاتنا و مساءاتنا؟
لا يا سامح، عاصي لم يمت، و لن يموت “.