12 يوليو 2023
بيار الظاهر – كاتبة من العراق
أيُّها الغائِبُ مسافَةً، الحاضرُ شعوراً، كَم كان عليَّ أن أدفعَ ثَمن رِحلة الإنتظار هذهِ كي أحظى بلقاءٍ أو بصدفةٍ مُفتعَلة! سيناريو (نَصطدم بْغَيرِ قَصدٍ، نَرتَبِكُ، نُلَملِمُ الكُتب التي وَقَعَت عَلى عِجالةٍ، نَرمق أحدانا الآخر بِنَظرةٍ ثمَ نَمضي) بات مُملٌ جداً، ولا يَترَدَد بالأذهانِ إلا قَليلاً أو رُبما ما زالَ يُراود مُراهق وقَعَ بِشباكِ الحُبِ للتو!
كَم كان عليَّ أن أُقدِمَ لَكَ قَرابينَاً مِنَ المَشاعِر والمَواويل الحَزينة عَلى دِجلَة ! أو أروي لكَ مِنْ ألفُ ليلةِ وليلة، لكن كَيف للحِكايةِ أن تَكون بلا شَهريار!
كَم كان عليَّ أن أخرج من هذا الإطار المُنَمَق و أِغيَّر الأُسلوب اللُغوي وأن أبتَعِدُ عن النداءِ العادي! أن أُناديكَ بشَيءٍ بَسيط يوَّصل الألم بِسرعةٍ، مثلاً أستعينَ بصوتِ قَحطان العَطار، وهو يُغني (تَعال عيوني وبلَياك ما عاوَد وسَن ليها) وفَتاةٌ مِثلي لا بُدَّ مِن أن تُطيل الحَديث وتُدخِلُكَ بِدوامَةِ اللُغة والنَحو والفَرق بين الوَسن والغَفوة والنَوم، وستشَهد النُجوم على هَجرهن لِي مُنذ رَحيلُكَ، سَأُقَدِمُ لكَ دَرساً عَربياً بالمَجان مع باقةِ (الياس)، دِعنا نَترك الجوري هذهِ المرّة فَللياسِ مدلول كَبير!
كَم كان عليَّ أن أدفع ثمن الرِحلة هذهِ حين أنتَظرت شيئاً كاد يشبه السَراب، هَل جَربت يَوماً أن تَشرب مَن السَراب! هَل لك أن تَتخيل طَعمه؟ هذا ما ستَشعر به حين تنتظر شَيء لَم يعد لك!
كَم كان عليَّ أن أدفعَ ثمن الإنتظار مِن أجل عِتاباً عِراقياً و لا بأس إن كان بلهجةٍ حادَة يُرغمني أن لا أبالي لشيءٍ إلا لحُبه مَثلاً ( ولچ دادة مو راحَت علينه) وأن يَعود الحبيبَّن للأحضانِ ويُكملوا الأُغنية بضحكةِ الإنتصار (حُبنا طِفل ما بين الضلوع).
لِكن في حَقيقةِ الأمر هذا نَصٌ مُجرد نَص والسِطرُ الأصدق هو (سَكتاتنه عَمَّت عَلينه)…