خالد القيش.. الورقة الرابحة!

23 مايو 2023

وسام كنعان- دمشق

يضطرّ الممثل أحياناً في بلادنا للعمل قرابة 90 ساعة تلفزيونية سنوياً، لذا يحتاج للتغيير بتواتر دائم على السوية الأدائية لدى مقاربة شخصياته. فمهما تجدد، ستبقى لغته التجسيدية واحدة، وسيعثر على هوّية واضحة المعالم في ما يخصّ أدواته التعبيرية، إضافة إلى محدودية إمكانية التنويع الغني في الشخوص التي يسعى لتقمّصها، بخاصة أن الأمر في الوطن العربي متروك بنسبة كبيرة منه إلى قرار جهات إنتاجية شبه أمّية، ومجموعة من المخرجين الموظفين لتنفيذ أوامر هؤلاء المنتجين!

انطلاقاً مما سبق، حرّي بالممثل التلفزيوني الحرص على التغيير الدائم وفقاً لما تمليه الشخصية التي سيلعبها. أما لدى التقارب مع أعرق نظريّات فن الأداء، فإن النتيجة تملي الحاجة الماسة لصوغ تماهٍ ساطع ومستمر بين العناصر النفسية، والمظهر الخارجي أو الشكلي للشخصية. وإن وسّعنا العدسة لتنسجم مع قواعد الحياة المطلقة، فإن تغيير الشكل يمنح طاقة إيجابية لأي إنسان. هكذا، نجح النجم السوري الشاب خالد القيش (1977) في عديد من المحطّات خلال مشواره خاصة عندما جسّد شخصية العميد عصام في «دقيقة صمت» (سامر رضوان وشوقي الماجري). يومها تركّز على أن يكون مقنعاً أوّلاً على مستوى شكلي للعب دور عميد في الشرطة، لكنّ المبرر واضح باعتباره واحداً من أقطاب الفساد في الدولة، ينتمي لسلك الشرطة، فمن الطبيعي أنه كان من أصغر الضبّاط في البلاد. على أيّ حال، بعد أن فهم الشخصية من ناحية منطوقها الداخلي، قفز الشاب الوسيم نحو الشكل وترك للماكياج لعبته البارعة. فإذا به يخطو أبعد من التوقّعات، وينجز بضربة معلّم دوراً هادئاً متوازناً ينأى بنفسه تماماً عن أيّ مبالغات أو انجرار نحو الـ show off على حساب الرصانة الأدائية

هكذا، تحوّلت الشخصية تلك إلى علامة فارقة في حياة بطل «ياسمين عتيق» (رضوان الشبلي والمثنى صبح)  وحصد بعدها بطولات مطلقة وظلّ ينجح. بمعنى أنه تجاوز عقدة النجاح الأوحد، وسوء الاختيارات بعدما  أتيحت له فرصة عمره.

ثم خلال مشواره المكثّف في السنوات الأخيرة، طرح الممثل السوري أمامنا على الشاشة نماذج واقعية ناصعة، ربّما كان المشاهد أمام فرصة معاينتها حياتياً عن قرب . فعلى سبيل المثال في الموسم قبل الماضي وجد القيش نفسه بمواجهة دور ضابط مرة جديدة لكنه خلافاً لمت سبق فإنه يمثّل الخير في حكاية «كسر عضم» (علي صالح ورشا شربتجي) التي حصدت شعبية واسعة. فاختار أن ينتمي في لعبه هذه الشخصية إلى المدرسة التجسيدية الحديثة، التي لا تطلّب من الممثل أن يبرز أدواته من باب الاستعراض، إنّما أن يميل للعفوية المطلقة، ويظلّ هو كما في الحياة الواقعية، إلى أن تحين الفرصة المواتية حسب الحالة النفسية والدرامية للشخصية كي يظهر مفرداته الأدائية، ويقبض على إبهار مشاهديه. وهو ما فعله «الرائد مروان» خاصة عند مداهمته وكر الفساد في المدينة الجامعية!

فيما راح للعب على الشكل والمبالغة في الأداء بشكل مقصود في دوره «مربى العز» (علي صالح ورشا شربتجي).

مشوار طويّل عمرّه خالد القيش بعرق وجهد لدرجة صار كثيرون من صنّاع الدراما السورية صاروا يعتبرون وجوده بمثابة قيمة مضافة لأي عمل.

 

قد يعجبك ايضا