في حالة لا نراها كثيراً، يجمع الدكتور الأردني غسان عبدالخالق بين الفلسفة والنقد الأدبي أكاديمياً، وهذا مزيجٌ صنع الكثير من التقنيات النقدية اللافتة فيما يكتب. د. عبدالخالق الذي أثرى المكتبة العربية بأكثر من ثلاثين كتاباً ومئات البحوث والمقالات؛ يعمل الآن أستاذًا للأدب والنقد في جامعة فيلادلفيا، وسبق لعبد الخالق أن شغل منصب أمين الشؤون الخارجية في رابطة الكتاب الأردنيين ورئيس جمعية النقاد الأردنيين لدورتين متتاليتين والمستشار الثقافي غير المتفرّغ لمؤسسة عبد الحميد شومان. وهو يرأس الآن هيئة تحرير (مجلة أفكار) الصادرة من وزارة الثقافة الأردنية.
توجهنا إلى غسان عبدالخالق في هذا الحوار الجريء والكاشف:
- بدايةً، كيف ترون المشهد الأدبي الأردني والعربي الكبير؟ ماذا اختلف عن الستينيات على سبيل المثال؟
النقد العربي أمام معضلتين؛ معضلة انعدام القدرة على استنطاق المدوّنة الثقافية العربية القديمة والحديثة من منظور نقدي أصيل ومعاصر، ومعضلة الشعور الحاد بالنقص أمام مركزية الخطاب النقدي الغربي
- لدينا مشكلة بالنقد إن صح السؤال. مشكلة مصطلحات وإخوانيات وجمود أكاديمي كما أرى، ما هي برأيكم أهم مشاكله إن وجدت، ومن هم نقادنا البارحة واليوم حسب وجهة نظرك؟
– مقتل الخطاب النقدي العربي المعاصر؛ يتمثل في التفتيش عن الغريب والمتواري في الخطاب النقدي الغربي، ثم العمل على إعادة إنتاجه باللغة العربيّة، بقصد إثارة الانتباه والظهور بمظهر الريادة و التجديد ! وحيث إن كثيراً مما تراكم لدينا في العقدين الأخيرين قد صار قديما جدا في الخطاب الغربي؛ فإن معضلتنا غدت معضلتين: معضلة انعدام القدرة على استنطاق المدوّنة الثقافية العربية القديمة والحديثة من منظور نقدي أصيل ومعاصر، ومعضلة الشعور الحاد بالنقص أمام مركزية الخطاب النقدي الغربي. وباختصار فنحن لا أرضاً قطعنا ولا ظهراً أبقينا. ومع أنني ممن لا يراهنون على جدوى المشاريع النقدية الفردية، بعيدا عن السياق الموضوعي المناسب أو الحالات الثقافية الجمعية، فإنني سأغامر بالقول: إن مثقفين مثل طه حسين والعقاد وأحمد أمين وحسين مروة والطيب تيزيني وعبدالله العروي، أحدثوا بقوة حضورهم وأدائهم الشخصي فروقا مفهومية وثقافية يصعب التنكّر لها، مقارنة بأقرانهم المعاصرين من المثقفين العرب؛ فقد نجح الأوّلون في جمهرة الثقافة وتصييرها همّا عاما على الأقل، على حين أن المعاصرين أسهموا بقصد ودون قصد، في إعادة الثقافة (الأدب والفن والنقد بوجه خاص) إلى قمقم النخبوية، على الرغم من توافر الإمكانات المادية والبشرية والتّقنية.

بعض النقاد الكبار لم يعد يهمهم شيء سوى السفر والفنادق والدولارات والمقابلات المصوّرة، حتى لو تطلّب ذلك إعادة كتابة ما كتبوه منذ سنين وتقديمه على أنه جديد
- ما هو مشروعكم بعناوينه العريضة؟ إلام يسعى ولماذا يكتب غسان عبدالخالق؟
