Another Self.. نقطة ضعفه بطلاه توبا بويوكستون ومراد بوز

18 يوليو 2023
إيمان إبراهيم- بيروت
يبدأ يوم الخميس المقبل، تصوير الموسم الثاني لمسلسل “ذات أخرى” another self الذي انطلق عرضه على منصة “نتفليكس” قبل عام تقريباً.
كان مقدراً للمسلسل أن يعرض بموسمٍ واحد، إلا أنّ نجاحه دفع بالمنصة إلى تمديده لموسمٍ جديد قابل للتمديد أيضاً، حسبما يقرّر الجمهور.
إذا كنت قد شاهدت المسلسل فأنت حتماً تتشوّق لموسمٍ جديد منه، وإذا لم تكن قد شاهدته بعد، قد يكون هذا المقال مفيداً لك.

ثلاث صديقات.. لكلٍ منهن مشاكلها
عندما بدأت “نتفليكس” الترويج للمسلسل التركي “ذات أخرى” الذي انطلق عرضه قبل أيام، بدت القصة مكررة، عن ثلاث صديقات، تصاب إحداهن بالسرطان، ترفض العلاج، فتقرر الصديقات الثلاثة السفر في رحلة اكتشاف الذات.
قصة معادة ومكررة، يتوقّع معها المشاهد أن تكون رحلة السفر اكتشافاً لتفاصيل الحياة، التي لا نلمسها إلا عندما نشارف على فقدانها، إلا أنّ المسلسل يسلك طريقاً مغايراً، تبدو معه إصابة الصديقة بالمرض الخبيث هامشية، ولا مكان لها في السياق الدرامي للعمل.
يبدأ المسلسل بالإضاءة على شخصية الصديقات الثلاثة، أدا (توبا بويوكستون) طبيبة جراحة، تخطط للسفر إلى بروكسل مع بعثة من الباحثين، متزوجة لكن علاقتها بزوجها فاترة بسبب إدمانها العمل، وتسخيرها كل وقتها لأبحاثها العلمية وللاهتمام بالمرضى.
سيفغي (بونجوك يلماز) محامية شابة، مصابة بالسرطان وتعالج منذ سنوات، لا يضيء المسلسل على معاناتها من المرض إذ أنّ الأطباء يعلنون شفاءها منذ بداية المسلسل، تقرر السفر في رحلة استجمام إلى منطقة ساحلية، تجعل من الحيز المكاني البطل الأول للمسلسل، حيث البحر والطبيعة والسلام الداخلي.
ليلى (سيدا باكان) متزوجة من رجل أعمال يفلس بعد قيامه بأعمال احتيالية، فتذهب مع ابنها للإقامة مع صديقتيها.
الصديقات الثلاثة لكل منهن مشاكلها، آدا التي تفقد عملها بعد أن تتسبب جراحة خاطئة في تعريض حياة وزير للخطر، فتفقد فرصة السفر إلى بروكسل، وتخسر زواجها، وتجد نفسها في مواجهة توبراك (مراد بوز) حبها القديم الذي تركها في الماضي، وترك في قلبها ندوباً لا تندمل.
سيغفي، تفقد عملها بسبب إصابتها بالسرطان، وبعد شفائها تقرر البدء من جديد في منطقة بعيدة يسكنها السلام، مع صديقتيها ووالدتها وحب جديد يطرق بابها، مع رجل كانت تعتقد أنه أبعد ما يكون عن فتى الأحلام.
أما ليلى، التي لم تكمل تعليمها وتزوجت رجلاً اعتاد أن يغرقها بالمال لتتغاضى عن خيانته، تجد نفسها مكسورة بعد تورط زوجها في أعمال مشبوهة، فتأتي إلى حيث الأمان مع صديقتيها.

جلسات علاج جماعي
تلتقي الفتيات الثلاثة برجل يدعى زمان (فرات تانيس)، يقيم جلسات علاج جماعي، يختار أحد المشاركين، ليضيء على ماضٍ يحمل رواسبه وتداعياته دون أن يدري. يشرّح تفاصيل المعاناة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً ليس بماضي الشخص فحسب، بل بماضي أجداده.
يدور النقاش حول صوابية ما يفعله زمان، بين من يستنكر أن نحاسب اليوم على ما اقترفه أجدادنا، أو أن نعيش تأنيب ضمير بسبب غلطة أقدم عليها أحد أفراد أسرتنا قبل أن نولد بعقود، وبين من يؤمن أن الحياة دائرة مغلقة، تدور من مكان لتعود إليه.
تتعافى سيغفي من حادثة مقتل والدها وهي طفله أمام عينيها، وتدرك إيدا لماذا كانت يداها ترتجفان ما أدى إلى خسارتها وظيفتها، ويدرك توبراك أن معاناته مع الترحال وهجره من يحب لها جذور من الماضي.

دعوة للتأمل في ماضي الأجداد
المسلسل عميق جداً، حتى لو بدا في جانب منه خرافي يجافي العلم، ولا يمت إلى المنطق بصلة، إلا أنّه دعوة للتأمل في ماضي الأجداد الذين لا نعرفهم، لنتساءل عن حياتهم، ماذا اقترفوا من خطايا، كيف كانت نهايتهم، كيف لم نفكر في تفاصيلهم يوماً ونحن امتداد لهم؟ وهل فكروا يوماً فينا وبالأحفاد الذين لا يعرفونهم؟
لكن عن العلاقة بين ماضي الأجداد ومصير مستقبل الأحفاد، خرج المسلسل عن المنطق ليدخل في سياق الخيال العلمي، الذي نجح بجعل الأمور غير المنطقية، بوابة للتفكير والتحليل والتساؤل والاهتمام بأمور لم تكن تخطر على بال.

نقطة ضعف المسلسل
نقطة ضعف المسلسل هي بطلاه، توبا بويوكستون ومراد بوز، الحبيبان اللذان افترقا سنوات وعادا يحركهما نار الشوق، إلا أنّ مشاهدهما المشتركة كان يلفها الصقيع، لا انفعال ولا انسجام، ومشاهد إباحية لم نشاهد مثلها في الدراما التركية، باستثناء دراما نتفليكس التي تفلت من مقص الرقيب.
انتقدت الصحافة التركية توبا بسبب خلعها ملابسها في مشهد خارج عن سياق المسلسل الروحاني، الذي يدخل إلى العمق في حين طفت مشاهدها على السطح، لا عمق ولا تفاعل ولا أدنى انسجام بين الحبيبين.
حتى شخصية توبا كطبيبة جراحة لم تكن مرسومة بشكل مقنع، شخصية تفتقد إلى تعاطف الطبيب، صبره، تفهمه، هدوئه. حتى أن ملابسها ومظهرها الخارجي لا يمت بصلة إلى الصورة التقليدية للطبيبة.
مراد بوز بدوره كان أبرز نقاط ضعف المسلسل، هو باعتراف الكثير من النقاد الأتراك مغني موهوب، أقحم في عالم التمثيل عنوة ولم ينجح فيه يوماً، أعطي دور بطولة في مسلسل فأخفق في كل مشاهده.
كان من المقرر أن يكون الممثلان بطلا العمل إلا أنهما أخفقا فبدا دوراهما هامشيين، لصالح دور سيغفي المحامية الناجية من السرطان، التي أجادت تقمص الشخصية حد الذوبان.
قصة حبها مع فكرت (رضا كوجا أوغلو)، علاقتها مع والدتها، اندفاعها لخوض قضايا المحيطين بها، شخصية محامية بدت مقنعة بتفاصيل التفاصيل.

سيدا باكان.. فاكهة العمل
أما ليلى (سيدا باكان) فهي فاكهة العمل، المرأة التي ترتدي أجمل فساتينها، ترقص، تغني، تقفز، تسجل فيديوهات تخبر فيها متابعيها أنها تعيش في الجنة، وفي قرارة نفسها تعيش جحيم الانفصال عن زوجها، والمستقبل الذي رسمته لنفسها حين تخلت عن تعليمها فباتت زوجة مهمتها الوحيدة إسعاد زوجها الذي يقوم بخيانته، وتقبل خيانته مقابل الحفاظ على أسرتها. شخصية آسرة سطحية في الظاهر، عميقة تدعو إلى التأمل في المظاهر الخادعة، حين تشع المرأة جمالاً وتألقاً، وفي داخلها روح تتألم وتكابر.
المسلسل يأتي في سياق الأعمال التركية التي أنتجتها وعرضتها “نتفليكس”، واللافت أن معظم أعمال نتفليكس التركية تدور ضمن سياق الأعمال التي تنتمي إلى الخيال العلمي مثل “المحافظ” لشاتاي أولوسوي وعائشة توران، ومسلسل “عطية” لبيرين سات، و”منتصف الليل في بيرا بالاس” لهازال كايا.
إلا أنّ “ذات أخرى” ليس مجرد خيال علمي فحسب، بل هو دعوة إلى التأمل في ذاتك، علك تجد فيها ذاتاً أخرى.

 

قد يعجبك ايضا