“نص خبر”- كمال طنوس
رندا كعدي “نجوى “في مسلسل “القدر “جمعت كل مواصفات الشدة وتجرعتها حتى صارت هي القدر تحارب وتؤلف وتحيك المصائر حسب رغبتها.
تملصت كعدي من شخصيتها وباتت أخرى. قاسية متلطية باللين. وصبورة متسلحة بالدهاء. ومخططة ترنو إلى حياكة الشباك توقع بها فريستها عندما يحين موعد الصيد والغداء.
لا تكترث نجوى لابنها الذي ينتظر طفله ولا تأبه لمشاعره وحبه المتبدل. تفرض شروطها تلف حبائل مشانقها حول الجميع. تفتن بين الأبن وزوجته. تقود المصائر حسب مصلحة العائلة. تداري وتخفي عن زوجها. نجوى شخصية منحوتة من صلابة. تتسلح بذاك الوجه كلاعبي البوكر غير مقروء ولا تعرف نواياه. شخصية غامضة أجادتها كعدي حتى التماهي.
لبست كعدي الشخصية حد التماهي
لبست رندا كعدي هذه الشخصية بكل حذافيرها بكعبها الذي يرن على بلاط القصر واناقتها الرفيعة التي تخفي خلفها سواد الضمير وتستر عيوبها بتلك النظرة الحادة والمنطق المصغي ومن ثم تسن سكاكينها. شخصية متفتحة ومنفتحة تسمع للجميع بصدر رحب ثم ترسم مخططاتها وتبدأ التنفيذ لا يعيق ارادتها دمع أو حسرة.
امرأة جافة بالرغم من كل الطراوة التي تحاول أن تلف بها نفسها. وتلك الحضانة التي لا تظهر الا عند ما تظنه مصلحة للعائلة.
سكاكين نجوى تستل من عيون كعدي الذكية ونظراتها المنحرفة. وتعطيها صوتها الأجش الصارم. واكتافها القويمة والعنق المشرئب. تغيرت كعدي كثيراً في هذا الدور كأنها لم تعد ما نعهده. أين هي من كل أدوراها السابقة حنان الحنونة في “للموت” أو نادية الأم الحنونة الصابرة في “الثمن” أو الأم المنحنية والزوجة الراضخة في “قلبي دق”.
أحببنا الخبث لكثرة الموهبة
بدلت رندا كعدي جلدها ومشت بجلد صلب وظلف. إنها القديرة الجبارة صاحبة الموهبة التي لا تئن ولا تضعف. رندا كعدي بالرغم من دورها الذي لا يستسيغه المشاهد لكنها تجعل العيون متربصة بها. قادرة أن تنحت الشخصية بإزميل نحات بارع يظهر لنا البشاعة لكن نذهل لنحته. يطلعنا بالخبث لكن نستمتع بالتفرج على دهائه. مرّة كحنظل لكن طعمها شبيه بفنجان قهوة يطيب لنا مرارته في الفم.
نجوى الشخصية الوحيدة التي تمشي على مسار واحد منذ بداية العمل كأنها البوصلة التي لا تخطأ ولا تنهار ولا تتغير. هل هو دورها كتب بهذا الشكل الواضح أو ان كعدي هذبت الشخصية حتى باتت واضحة وصريحة لا تقع في الحفر.
في نظرة عميقة لمسلسل “القدر” نجد كل الشخصيات يلحقها الظلم والحيف. نور وتضحياتها، تالا وخسارتها، يوسف وحبه المستحيل، زيد وتقاذف مصيره، تيم المدسوس في فم المصلحة واللعب بمشاعره. الكل يعاني إلا نجوى فإنها تقف في المرصاد أمام الجميع. واقفة كجذع سميك غير أبه. كأنها القدر الحقيقي. تلعب بكل المصائر وتريد الفوز.
ليس سهل هذا الدور المعقد المتأنق لسيدة لها في العمر باع وأكثر. لكن رندا كعدي قادتها نحو التألق. واعطتها كل حرفيتها وأطلقتها شخصية قوية تخطت الجميع. وهمست صارخة الموهبة تتفوق على العمر. وكانت كعدي الأكثر شباباً وطراوة في فنها وموهبتها.