سمر دياب: الشعر جوهرة يفقدها الضجيج لمعانها ويكسرها التملّق

22 مايو 2023

حاورها: هاني نديم

تقف الشاعرة اللبنانية سمر دياب في مساحة شعرية قد صممت لها تحديداً، بل الأدق أنها قد اشتقتها لنفسها وصنعتها بأظافرها اللغوية في هذا الاحتشاد في المشهد الشعري العربي، إنها شاعرة لا تشبه أحداً ولا يشبهها أحد، تكتب دون خوف ولا تحفظات متكئةً على شاعرية فذة ومعجم وحشي إن صحّ  المصطلح، إلا أن معظم نصوصها على وحشيتها رقيقة إلى حدٍ مدهش.

سألتها:

  •  سمر دياب بمعجمها المختلف والخاص والعالمي من وجهة نظري، هل هي مقصرة باتجاه الترجمة والعلاقات العامة؟ هل أنت (برّية) زيادة؟

– أنا مقصرة تجاه كتابتي فقط، فكثيراً ما يغويني بهرج نقيضها فتهجرني. أما سلّم العلاقات العامة وكواليس الترجمات والانتشار فهي لا تعني لي شيئاً لأنها لا تعني شيئاً للشعر نفسه. نصوصي متاحة أمام الجميع والمهتم الحقيقي سيجد الطريق إليها وحده. الشعر هو أكثر ما أحترمه في الحياة، وهو الجوهرة الوحيدة التي بقيت لي، يفقدها الضجيج لمعانها ويكسرها التملق ولست على استعداد لرميها في تلك المستنقعات من أجل مكاسب يسخر منها الشعر نفسه. أما عن كوني “برية زيادة”، فقد يكون ذلك صحيحاً، تتأرجح مشاعري تجاه العالم والإنسان بين الغضب واللامبالاة. مع كل خيبة كانت تنبت لي شوكة، وهكذا حتى صرت مليئة بالأشواك والوحدة والنزق، أعتني بهم كالزهور ونكبر سوياً واثقين من قسوتنا كي نحمي مخابئ الحب والرقّة.

الشعر هو أكثر ما أحترمه في الحياة وهو جوهرتي الوحيدة 

  • طوفان كتابي اليوم في السوشال ميديا، هل هذا ضار أم نافع؟ وما رأيك بما تقرأين بأمانة؟

– نعم هناك طوفان شعري كبير وهذا أمرٌ مطمئن وجميل لأن يقظة الشعر تعني يقظة الروح. كالعادة هناك الغثّ وهناك السمين وهناك مواهب تستحق الاحتفاء وأخرى تستحق الدفن، ولكل “جمهوره” الذي يشبهه. ليست المشكلة في طوفان الكتابة الحاضر فلطالما كان ذلك قائماً وخرج اليوم إلى العلن مع النشر الالكتروني، لكن في سهولة تكريس أسماء لا تستحق عبر سهولة إقامة العلاقات العامة والخاصة التي أتاحتها مواقع التواصل ، فاختلط الحابل بالنابل، واختلطت الرغبات بالحقائق، والماديات بالشعر، وبتنا للأسف في سيرك يستخدم الثقافة كواجهة لمكتسباته.

  • هل تقرأين الشعر العمودي؟ يلح علي هذا السؤال.. هل تجبين جميع أشكال الشعر؟ وما هو البيت الذي ترددينه دوماً؟

-لا أقرأ الشعر العمودي كثيراً اليوم، لكني مازلت أحتفظ بحبي القديم للمعرّي وأبي نواس وطرفة بن العبد وشعراء الأندلس، ومازلت أُطرَب كلما مرّ أمامي بيت شعريّ جميل حديث أو قديم. كتبت التفعيلة أولاً ثم هجرتها لصالح قصيدة النثر وعلقت هناك. البيت الذي أردده وأحمل شطره الأخير وشماً على ظهري منذ سنوات، هو أشهر أبيات أبو نواس وأجملها: دع عنكَ لومي فإن اللومَ إغراء وداونِي بالتي كانت هيَ الداء كما يرفرف قلبي حين تقول ولّادة بنت المستكفي:

لحاظُكم تجرحنا في الحشا ولَحظنا يجرحكم في الخدودِ

جرح بجرحٍ فاجعلوا ذا بذا فما الذي أوجبَ جرح الصدودِ

إنه الشعر وكفى.

قد يعجبك ايضا