“نص خبر” – كمال طنوس
“شهر زي العسل” فيلم رومانسي كوميدي لا يستحق هذه الجلبة التي درات حوله. أحداث ناعمة وشخصيات طبيعية مرحة وقصة ليست بجديدة وتصوير مدهش. المناظر الطبيعة الخلابة هي السر الكامن خلف جاذبية الفيلم.
يعرض على منصة نتفلكس من بطولة نور الغندور ومحمود بو شهري وإخراج إيلي السمعان وإنتاج “إيغل فيلمز”.
قصة الفيلم
تبدأ القصة بشكل مباشر دون مقدمات حمد “محمود بو شهري” شاب لا يريد الزواج ويجد إنها مؤسسة فاشلة. ووالده الثري يهدده إما بالزواج السريع والإنجاب وأعطاه مهلة شهر وإلا سيحرمه من الميراث ويتبرأ منه ويمنعه من الإكمال في شركته الخاصة التي تعب 3 سنوات على تأسيسها.
وفي المقابل نور “نور غندور” التي تعاني من علاقة سابقة فاشلة باتت تطوق إلى ارتباط سريع لتنسى وتنتقم. ويتدخل هنا أصدقاء لهما بلّم شملهما. وتبدأ الأحداث الطريفة بالتناسل.
هذه القصة ليست بجديدة لكن طرافتها وجماليتها لا يُمّل منها. ويمكن دوماً البناء على تلك التفاصيل التي تشكل عقدة العمل وتخلق تلك المواقف الغريبة لزوجين تزوجا عن مصلحة وفشة خلق والتباين بينهما كبير.
الملامح الجمالية
العفوية سمة عند أبطال العمل. فجاءت الأحداث محببة وطريفة خاصة وهناك الكثير من الغموض يلف تصرفاتهم. فخلق تلك العقد الكثيرة وجاءت المشاهد مكثفة وسريعة ودوماً جديدة.
كيفما دارت كاميرا الفيلم جاءت بلحظات مشوقة دون ابتذال ودون تصنع. الحوارات طريفة والأداء مرح دون انفعالات مضخمة ودون ابتذال بل جرعات موزونة بحذافيرها.
صورت معظم المشاهد في لبنان لقضاء شهر العسل. فتولت الطبيعة الخلابة خلق ذاك الجو الرومانسي وردم ذاك التباين بين عروسين لا يوجد بينمهما أي قاسم مشترك.
المشاهد الطبيعية الخلابة لغابات الأرز والمشي في أحضان الشجر الشاهق أبن الأف السنين والتلفريك فوق مدينة بيروت. والرحلات البحرية تمخر أجمل الشواطئ والخلجان. والإطلالات في تمازج شجر النخيل مع منتجعات راقية وشواطئ مدينة “الرميلة” الخلابة وامتداد السهول المُمرجة. أعطى ذاك البعد الحالم للمشاهد. وبنت الطبيعة طريق السحر. والجلوس في تلك الأماكن التاريخية لساحات البترون الصاخبة وليل بيروت العازف من فوق ابنية السهر وضجيج الحياة كان هو مايسترو الروعة.
رحلة شهر العسل كان بطلها الطبيعة وايقاع الحياة الصاخب بالجمال والنضارة. المخرج لم يفتعل أي مشهد بل ساق الابطال في رحلة اكتشاف بلاد رائعة يعمها صفاء الشجر الأخضر المنسحب على مدّ العين والنظر، وأمامهم غروب محموم يُغرق الشمس البرتقالية في ماء البحر. تلك المشاهد هي التي عزفت موسيقى الحب والروعة للعمل.
اتهام الفيلم بالعيب افتراء
أما من يقول إن الفيلم يخدش الحياء فهو لا عيون له وأعمى البصر والبصيرة. بالرغم من أن الكثير من المشاهد صور في منتجعات بحرية حيث الرمل والشمس والسباحة لم نر البطلة أو البطل بلباس بحر “مايو” ولم نشهد أي تصوير يخدش الحياء أو حركات إضافية. بل الابطال نور غندور ومحمود بو شهري كانوا أقل تعبيراً في مقاربة صور الحب والانجذاب والكشف عن مستور مغري.
ومن ناله الخدش من الحبة الزرقاء. الأبطال لم يأتوا على ذكر هذه الحبة التي مفترض أنها مقوي جنسي. بل عبرت خلال العمل على أنها لوجع الرأس ولكن المشاهد يكتشف ذلك خلال سياق الأحداث دون أن يكون هناك تلميح مباشر. وهذا الخفر وهذه الدقة الذكية من صناع العمل هي الرد المباشر على ذاك التعنت والتربص الذي روج ضد الفيلم.
ومن ناحية إن الأخ تزوج أخته. فهذا أيضاً افتراء ومحدودية. لأن الخالة تقول للعريس الذي هو أساساً لم يقم علاقة مع عروسته خلال كل عرض الفيلم وخلال زواجهم بأنها قد تكون اخته بالرضاعة فقط. وبقي العريس منتظراً حتى يأتيه الجواب المؤكد حول هذه الاحتمالية.
لكن يبدو إن أجراس التشويه قرعها عالي الصوت ودويها المشبوه لا يمت إلى الحقيقة بصلة. مجرد طحن بلا طحين.
الفيلم رائع بكل تفاصيله وصوره ململمة من مشاهد تغذي الروح وتشبع العين جمالاً. والحوارات مدروسة بفم بليغ. وأداء الممثلين طبيعية وشفافة تبني في الذهن غيم من سحر ورقي وحب. إلا إذا كان الحب عيباً والزواج إثماً.