3 يوليو 2023
لما قنطار – كاتبة سورية
كنا أطفالاً حقيقيين طموحنا العالي الذي يضاهي علو السماء كان مجرد قلم جديد أو ثوب جديد. أي قطعة واحدة كانت تكفي أن تملأ قلوبنا فرحا نحن الأطفال الذين انتظرنا الكرتون بفارغ الصبر والذين انتظرنا رأس السنة لكي نطول ١واحد سنتمتر حسب مقولة أمهاتنا.
نحن كنا أطفالا ومازلنا نتذكر أياما بقانون الذاكرة الانفعالية التي دوما مصرة أن ترجعنا إلى الماضي الطيب البسيط مرت السنون وأصبح لدينا أطفال افتراضيين بكل ما تعني الكلمة من افتراضية، ارتفع سقف الطموح ولكن لم يضاهِ علو سمائنا سقف طموحهم الذي هو مغادرة الوطن الى أي أرض بيضاء نظيفة خالية من الحرب.
نعم أطفال كل مافي عقولهم افتراضي كما عالم المحمول تماما أطفال مشدوهين لا يملكون ذاكرتنا الانفعالية لأن ذاكرتهم امتلأت صور دمار ، صور قتل ودم وآذانهم كادت أن تصمها أصوات القصف العنيف.
كيف من الممكن أن نقنع هؤلاء الأطفال بجمال ما يدعى الطفولة؟ كيف لنا أن نزرع بهم حب الوطن والقشعريرة التي تصيبنا عندما نرى علم وطننا مرفرفاً؟
نرى أطفالا بثياب ممزقة فقراء ضحايا حرب ضروس حتى مصطلحاتهم باتت مصطلحات متعلقة بالحرب، نقف في حالة شلل تام أمام هذه الطفولة بفكرهم، بتصوراتهم، بخيالاتهم عن مدن جميلة من دون دخان، من دون مليشيات، من دون انتظار طابور الخبز..
كيف لنا أن نجعل منهم أطفالا وهم اجتازوا أغلب مراحلهم العمرية بوقت قصير لايسعنا إلا أن نتمنى لهم أياما لاتشبه أبدا ما عاصروه وانما تشبه الجمال الحقيقي الذي دفنته الحرب في دواخلهم.