“نص خبر “- كمال طنوس
“فالنتينو” الدار الإيطالية التي لا تنفك تؤلف المعجزات في مجال الأناقة. فبعد رحيل رحيل بييرباولو بيتشيولي العام الماضي ، الذي عمل في فالنتينو لمدة 25 عاما جاء أليساندرو ميشيل هذا العام المدير الإبداعي للدار ليؤلف سيمفونية الأناقة بالعودة نحو رؤية خالدة تدخل أزياءه متاحف التاريخ ليقددم باكورة اعماله بعرض خالد مذهل.
مجموعة الهوت الكوتور التي قدمها ميشيل في باريس مؤخراً لم تكن ابنة اليوم ولا الامس انها التأليف العبقري لكل ما مرّ في هذه الازمان من حضارة وذوق جمعها في خرم ابرة وخيط وراح يطرز ويشتغل بالكروشا ويخيط الثوب قطبة قطبة كأنها يحفر في الصخر الوجوه الضاحكة ومشاعر الانسان منذ البدء وحتى لحظة التألق الحاضرة.
أثواب جاء بها من عمق تجربة فنية بدأها في غوتشي وأكملها مع فالنتينو. وراح يوسع الدار برؤاه الخالدة. أثواب فنتج مسرحية قاتلة حية مدهشة. مئات الساعات من الشغل اليدوي المبدع قد تأخذ ليخيط ياقة أو ثوب او تنورة الف ساعة من الوخز المدمم بأطراف الأصابع وبصمة العيون التي لا تزيح عن صنع قماشة الحاضر التي ستخلد للأبد.
لا مزيد عند ميشيل بل هو المزيد الذي لا ينتهي في تحريك المخيلة وصنع الدهشة. هو المفتون بالتاريخ وروح المتاحف هو الذي يسكب فوق جسد المرأة خمرة العصور من عنب الخوابي العتيقة ويجعلها خالدة مرة وحلوة مذاقها مشتهى ولونها يحمل كل معاني الزمن.
ميشيل المهووس بالتاريخ المسكون بالحنين كل ثوب وكل قطعة نراها في فالنتينو هذا العام هي ترداد صدى لكل فكرة طارئة أو مرت في مخيلته وأرادها حفراً ونقراً وتطريزاً وشكاً أن يجعل منها شاهدة على اليوم وتحكي لغة الامس.
ارستقراطية هذه الاثواب ومستعصية وقادمة من روح التعب والاكتاف المحنية والعيون المنقرة انه فالنتينو ملك الأناقة الذي لاي يخبو سره ولا يضاهيه أحد ولا يشبه أحد. في ازيائه يستحضر كل الممالك التي مرت من ماري انطوانيت إلى البداوة وربما قبل ذلك. يخلط الألوان كأنه بمخيلة طفل يحب اللعب وتلفته الألوان الساطعة ثم يتحول إلى موسيقي ينقر على وتر الحس فينسج سمفونية طويلة فيها كل نغم وتستقطب كل المشاعر. ويؤلف دون هوادة.
هذه المجموعة ليست شعبية ولا تحكي العصر. انها مسندة إلى التاريخ وتفهمها اكثر ذكريات المتاحف. لكن صراخ الفن فيها عالٍ جداً قادر أن يصل كل شطآن الأرض.
View this post on Instagram