كاريس بشار في “تحت سابع أرض” بطلة تخطت الجميع

“نص خبر”- كمال طنوس 

كاريس بشار التي تنتزع وجهها في كل مرة. وتخلع جسدها وترتدي أخر لدرجة نضيع من تكون، ومن هي ،وما هي هويتها. انها ممثلة من الطراز الرفيع الذي يجيد لبس الروح قبل الجسد، وتندمج في الحالة كأنها ولدت للتو في الشخصية التي تؤديها.

“تحت سابع أرض”  المسلسل الرمضاني الذي يعرض حالياً ويتناول أعمال التزوير وكل ما يحيط بذلك من أعمال “مافيوية” وقتل ومؤامرات  وجو من الرمادية المسيطر على الشخصيات التي تلتهم العمل بفم يشدق بالسلبية والمضغ المقزز. تأتي كاريس بشار بشخصية “بلقيس” لتلقي عطرها المثير فوق شخصيات العمل القاتمة فتصبح شهية وتضيف ضوءاً فوق تلك القتامة فتنير بقعتها.

كاريس بشار التي لا تستنسخ قامتها ولا تعود إلى نفسها في أي دور بل تولد من جديد. كما في “ستيليتو” قدمت ألمى الشخصية الضعيفة المهانة والمتربص بها والوجلة. كانت غير ذلك في “النار بالنار”  جاءت بـ “مريم” فكبرت سناً وكورت اكتافها وبطأت خطواتها والتوت كواحلها ومشت في طريق الخوف والتهدج غيرت مقاساتها وصوتها وعبرت في طريق التردد.

واليوم تطل في “تحت سابع أرض” سيدة مشرئبه ملونة بالقوة واللامبالاة متزينة بأعلى صيحات الأنوثة شوارعية في حركاتها أنيقة بمظهرها مثيرة بضحكتها الغريبة تحب الحياة وغير مكترثة. تشتغل على تفاصيلها كأن بلقيس هي الأصل وغير ذلك تمثيل.

كاريس بشار هي الشخصية المنيرة الوحيدة في هذا العمل المغبش القاتم. ليس لأن بلقيس أفضل خُلقاً من سواها بل لأن كاريس بشار قادرة أن تخلق حالة فنية مثيرة من الشخصية حتى ولو كانت مقيتة. تنحتها بإزميل براعتها وتطليها بضوء روحها وترفعها نحو مصطبة المتعة وتلقيها تحت عين الكاميرا وتقول تفرجوا على خيلاء الفن يرقص براعة.

في سياق العمل وضمن حلقاته الأولى لم تكن كاريس بشار هي الشخصية الرئيسية فدورها يبدو أقل من سواها وظهورها أنقص لكن بخطوة واحدة ومشهد صغير تستطيع أن تقلب المزاج وتحول لحظة مرورها إلى كهرباء صاعقة تحرق جميع من حولها بوهج نورها. قليلها كثير وخطواتها صاخبة.

كاريس تدخل في الشخصية وتولد من هناك جديدة معبرة وكل مرة بسحنة ووجه مغاير وصوت متبدل ودم جديد لا شيء يمت لها بصلة. هي كل هذه الشخصيات من “ليالي الصالحية” حتى “تحت سابع أرض” ولدت مرات كثيرة غريبة ومتلونة نعرف أداءها ولا نعرف عنها شيء سوى إنها رحم قادر على الولادة دون دخولها في سن اليأس.

كاريس بشار التي تولد المتعة في أدائها تنسيك أمسها وماضيها وتقدم نفسها شخصية الحاضر وتستطيع أن تتسلق الدرج بقفزة واحدة وتقف على المصطبة العالية تقول حوارها والوهج يحيطها. و شخصية بلقيس بدور يبدو أقل حجماً ومساحة من سواه استنفرت كل ضوء وجمعت كل المتعة وعبرت فوق الجميع وسطعت كسولو solo وحيد أحد تشارك البطل تيم حسن حتى للحظة ترسل شعاعها نحوه فيصبح أجمل وأهم بحضورها.

حتى اللحظة هي ليست الشخصية الرئيسية في العمل وإن كانت تغسل الأموال لكنها وسط هذه النخبة التمثيلية الطويلة والمتشعبة خلقت لنفسها مساحة واسعة على ضيقها وتفوقت على الجميع ورسمت نفسها بطلة استثنائية ملفتة وباتت الشخصية الرئيسية تقارع بطولة تيم حسن الذي تمتد شخصيته على طول العمل وهي بظلها الخفيف قادرة أن تغطي على الجميع وتكون نخبة النخب وبطلة فوق الجميع.

قد يعجبك ايضا