في مجتمعنا السعودي، تُشكّل رعاية كبار السن قيمة إنسانية ودينية راسخة؛ فهم آباؤنا وأمهاتنا الذين أفنوا أعمارهم في رعايتنا وبنائنا، وأصبح من الواجب علينا أن نرعاهم بحب ووعي ومعرفة.
ومن أبرز الأخطار الصحية التي تهدد حياة كبار السن طريحي الفراش هي قرحة الفراش، أو كما تُعرف طبيًا بـ”قرحة الضغط”، وهي مشكلة صحية قد تبدو بسيطة في بدايتها، لكنها قد تتطور إلى مضاعفات خطيرة تهدد الحياة.
ما هي قرحة الفراش؟
قرحة الفراش هي تلف في الجلد والأنسجة تحت الجلد، ينجم عن الضغط المستمر على مناطق معينة من الجسم، خصوصًا عند الأشخاص الذين يعجزون عن تغيير وضعيتهم بانتظام، مثل مرضى الشلل أو كبار السن المصابين بأمراض مزمنة تلزمهم السرير أو الكرسي لفترات طويلة.
غالبًا ما تظهر هذه القروح في مناطق الضغط العالية مثل: أسفل الظهر، الوركين، الكعبين، والكوعين، وتبدأ غالبًا باحمرار بسيط في الجلد، ثم تتطور إلى تقرّح مفتوح قد يصل إلى العظم إن لم يُعالج مبكرًا.
لماذا هي خطيرة؟
تتجاوز خطورة قرحة الفراش مجرد الألم أو تشوّه الجلد؛ إذ يمكن أن تؤدي إلى:
التهابات بكتيرية عميقة في الجلد والأنسجة
التسمم الدموي (Sepsis)
التهاب العظم (Osteomyelitis)
وقد تؤدي – لا قدر الله – إلى الوفاة إذا لم تُعالج بالشكل المناسب
من الأكثر عرضة؟
كبار السن الذين يعانون من ضعف الحركة، ومرضى الشلل الدماغي أو النصفي، ومرضى السكري والقصور الحركي، ومن يُعانون من نقص في التغذية أو الجفاف.
وكيف نقي أحبابنا من هذه القروح؟
الوقاية ممكنة وسهلة إن توفرت العناية الكافية:
تغيير وضعية المريض كل ساعتين على الأقل
استخدام مراتب هوائية طبية تخفف الضغط
العناية اليومية بالجلد وتنظيفه وترطيبه
فحص الجلد يوميًا لرصد أي علامات مبكرة
تحسين التغذية والإكثار من البروتينات والفيتامينات
الحفاظ على جفاف الجلد ومنع التعرق المفرط أو البلل
أما في حال حدوث قرحة الفراش، فلا بد من الاستشارة الطبية واتخاذ الإجراء المناسب
ما الرسالة التي توجهونها لكل أسرة ومقدمي الرعاية؟
كبار السن أمانة، والعناية بهم ليست خيارًا بل واجبًا أخلاقيًا ودينيًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس منا من لم يوقر كبيرنا”، فلنحذر من إهمال التفاصيل الصغيرة التي قد تُفقدنا أحبّتنا. قرحة الفراش ليست قدرًا لا مفرّ منه، بل خطر يمكن منعه بالعناية والوعي.
دعونا نرفع الوعي في البيوت، وفي المستشفيات، ودور الرعاية، ونؤسس لثقافة صحية تحمي كبارنا من هذه الآفة الصامتة؛ فهم يستحقون الأفضل دومًا، وقد آن الأوان لنردّ الجميل.
د. طلال محمد أحمد
أخصائي الجراحة العامة بمستشفيات الحمادي بالرياض