“لعبة حب”.. نجوم خيّبوا الآمال وأصابوا الكوميديا بمقتل

كمال طنوس – بيروت

 

“لعبة حب” يخطو فوق مساحة الشاشة بدعسات خافتة. لا يحدث جلبة ولا يثير ضجيجاً، يمر كظل في حفل كبير.

هذا العمل المعرب عن المسلسل التركي “حب للإيجار” يضم في صفوفه نخبة من الممثلين السوريين واللبنانيين وإن كانت أحداثه من المفترض أن تدور في لبنان. لكن معظم الشخصيات سورية تلعب في الباحة اللبنانية.

بعد مرور أكثر من 15 حلقة، اتضحت الصورة أكثر وبات هذا العمل الدرامي الرومانسي الكوميدي يأخذ موقعه. فلا جرعة الضحك عالية ولا العقدة محتدمة ولا الرومانسية فضفاضة.
كل شيء واضح، حب مُشترى يجب أن يكون، فكان حقيقياً دون بيع وشراء. هذه القصة التي أسسها الغموض في توظيف الحب لتحقيق بعض المآرب والمنافع. بات هذا الحب حقيقيا دون حاجة للادعاء وهذا أجمل ما يشد عين المشاهد وهو يتابع حكاية الحب المصطنع التي باتت حقيقة عاصفة.
الحب هو الشخصية المستترة خلف كل الشخصيات. فبدون هذا الحب لا يبقى معنى ولا مكانة لهم جميعاً.

شكران مرتجى.. سيطرة “الأوفرة”
فريدة “شكران مرتجى” هي أساس هذا الحراك في القصة. بيدها كل الخيوط تتحكم بها. تشدها وترخيها حسب مصلحتها. تقاتل وتخطط وتلعب في كل الساحات تمنع وتقصي وتربط.
هي المايسترو فوق كل هذه الجلبة. فهل أجادت مرتجى الوصول إلى عمق هذه الشخصية الحذقة الوصولية أم بقيت تتبع طريقاً واحداً من “الأوفرة” صوت مرتفع، ونظرات لا نعرف كنهها هل هي ذكاء أو رعونة؟

نظرة “الحربقة ” غائبة عن المُحيّا. هناك شيء سلبي في هذه الشخصية يصل دون إذن ودون معوقات يثير في المشاهد النفور وكأن الشر يحضر معها.
كان بالإمكان أن يُلف هذا الشّر بشيء من خفة الدم والسذاجة. لكنه أتى كتلة مكثفة. تسقط في القاع بضجيج من نفور. أجمل فصول فريدة عندما تحزن. يتهدل وجهها وتغيب نظرات الشّر وتصبح شخصية منهكة. ومع خفوتها يتنفس المشاهد الصعداء فلن يغيظه لؤمها.
شكران مرتجى التي أدت هذه الشخصية وصلت إلينا مغموسة بالتسلط والعجرفة والقوة. وكلما كانت مرتجى تبعد عن فصول الإضافة والانفعال كلما كانت أقرب وسيدة في موقعها. ظهرت لنا بكل هذه الصفات لكن متلحفة بالأناقة والثياب الفارهة كسيدة مجتمع من النوع الرائج والمستهلك.

أيمن رضا والدور أقل من المرجو
أما الزوج سلطان “أيمن رضا” فدوره لزوم ما يلزم. صاحب المال والجاه الذي تتنعم به زوجته وتتحكم به وهو الضعيف المسلوب أمامها وفي الخفاء يطارد نساء الأرض. لم يظهر من سلطان سوى إنه “الخويف” أمام زوجته والدنيء أمام المرأة. أكثر من هذا الشعور لا يخالط دوره، إن كان هناك شعور يجب أن يستنفر فلم يفعل وكل المشاعر استسلمت. مكانته في الدور أقل من المرجو.

معتصم النهار الشخصية الغارقة بالوسامة
مالك “معتصم النهار” الفنان الحساس البارد والأنيق بجرعة زائدة. يبدو فعلياً كعارض أزياء وسيم جداً وغائب عمّا يدور حوله. شخصية غارقة في دواخلها ومعزولة عما حولها. معتصم قدم ما يقدمه كعادته دوماً شاباً تحبه الأنثى ويشكل لها صورة من محياه الجميل.

نور العلي حملت العمل كله
أما نور العلي “سما” فهي الثقل النوعي في العمل. أجادت في حمل كل مفاصل هذه الدراما بخفة ظلها. دورها وصل كفتاة بريئة بسيطة ساذجة مضحكة ومحبة. أعطت من عيونها الدمع فبكينا ومن بساطتها فضحكنا ومن خفتها ففرحنا بها. سردت شخصية جديدة مفعمة بالقبول. ذكية في كل ما أدت فبدت كعجينة في مرمى العيون والأداء تتشكل كأنها ليست هي. عفويتها رأس مالها ونجاحها المحبب.
كان يلزم أن تعمم حالة نور العلي على العديد من الممثلين في العمل لجاء بجرعة جاذبية أكبر وكان الاحتفاء به مشرفاً وبراقاً.

ساشا دحدوح.. اللؤم ينقط من أناملها
اما ساشا دحدوح “سيرين” فقدمت شخصية الفتاة الجميلة المبهرة اللئيمة المتغطرسة. وجاءت بكل هذه الصورة دون نقصان أو ادعاء “بالهضامة” والرقة. بل العكس أعطت درساً أن الجمال ليس بثوب يزيننا بل الجمال يكمن في مكان أخر. ساشا قادرة دوماً على أن تستل أدوراها بحرفية وتفرك أصابعها لتقول إن اللؤم ينقط من أناملها.

جو طراد برع في أدائه
جو طراد بدور “رامي” من حملة نهج العفوية دون استبسال ودون استجداء للفت الأنظار. قدم نفسه كما هي بجرعة مدروسة. برع في مؤداه. وهو الخبير في هذا الدور الذي سبق وقدمه في خمسين ألف النسخة اللبنانية التي عرضت سابقاً من هذا المسلسل المعرب. جو من أكثر الشخصيات القريبة للقلب ومقنعة في مسارها ومشاعرها.

 

أيمن عبد السلام ضاع بين النعنعة والرجولة السميكة
دانيال “الثخين” الذي يؤدي دوره أيمن عبد السلام. من المفترض أنه الرجل النعنوع. ينبغي أن يعاني من اضطرابات عاطفية ويؤدي حركات مضحكة وغريبة. نجح أحياناً في توصيل هذه الشخصية وتاهت منه عند إعلاء صوته وفجوره، فبدا خارج الإطار بصراخه المتواصل والارتجالي ولم نلمح روح الفنان في أدائه المصطنع. غضبه يجب أن يكون مدروساً ولا تفلت منه تلك “النعنعة” التي باتت ملامحها معروفة من حولنا فظهر أكثر كرجل سوي بجرعة إضافية من السّماكة.
الشخصيات الثانوية والوجوه غير المعروفة عرفت كيف تكرس نفسها أكثر من تلك التي انتظرنا بخبرتها وتمرسها أن تتألق وتأتي بالشخصيات من أعماقها، لأن العفوية هي المرجع الأساسي لها في الأداء فعندما تغيب يأفل اللون وتضيع النكهة.
لا يمكن أن نغفل عن الإبهار في الملابس والمكياج فهذه كانت اساساً في رسم الشخصيات بظاهرها وتغلبت مراراً على دواخلها التي جاءت مترهلة في أماكن عند بعض الممثلين.

قد يعجبك ايضا