28 أكتوبر 2023
بعد ليلة دامية لم ينم فيها عزيز.. عاد إلى خاطري “إجرام” هذا الكيان كمفردة مؤسسة مع متابعة حجم الجريمة التي رأيناها جميعاً على الشاشات. حيث لم تنفصل يوما عن مفهوم وذهنية الكيان الإسرائيلي منذ أن تجمّع الصهاينة كـ”كانتونات” قبل نشوء وتأسيس دولتهم المزعومة بزمان سحيق.
فعبر التاريخ ومنذ أول كلمة كتبت في التاريخ عن الصهاينة، تلازم هذا اللفظ بالإجرام بشكل أو بآخر، إذ أن نشأته كحركة سياسية ترجح بدايتها في القرن السابع عشر بعد رفض أوروبا والعالم جميعه لهم، فقامت تلك الحركة السياسية تنادي بعودتهم إلى جبل صهيون الوارد ذكره في العهد القديم.
وكما نعلم؛ أسس تلك الحركة تيودور هرتزل بعد أن شعر بالإحباط بسبب عدم حماس أغنياء اليهود في المساعدة بتمويل مشروع إقامة وطن قومي لليهود ويكون إما في فلسطين أو الأرجنتين أو أوغندا. وتبلور ذلك النجاح في عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل بسويسرا عام 1897 وضم كل الجاليات اليهودية، بهدف العمل على تنفيذ برنامج بازل ونجح هرتزل في الترويج لفكرة استعمار فلسطين وإقامة وطن لليهود هناك.
حسنٌ.. مع رهاب العالم بأسره من اليهود، احتال الصهاينة كعادتهم وأزاحوا المصطلح من (الفوبيا) إلى (معاداة السامية)، وبالتالي؛ كل معادٍ للسامية هو دون أخلاق وناقص للإنسانية، على أننا نحن العرب طبعا من أولاد سام.. ولكن أي يكن.. لقد رسموا خريطة الطريق من خلال الإجرام في كل مكان، فبدأ اليهود باحتلال أمريكا من خلال الجريمة المنظمة، فقد ظهرت الجريمة المنظمة اليهودية الأمريكية أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين مع طهور الصهاينة، وبدأت تستحوذ ملفات الصحافة ووسائل الإعلام والثقافة الشعبية، وتمت الإشارة إليها بأسماء مختلفة مثل: الغوغاء اليهود، المافيا اليهودية، كوشر موب، مافيا الكوشر، والاتصال اليديشية وغيرها.
في أواخر القرن التاسع عشر في مدينة نيويورك، كان الراهب إيستمان يدير عصابة يهودية قوية تنافست مع العصابات الإيطالية والإيرلندية، ولا سيما عصابة النقاط الخمس التابعة لبول كيلي، وذلك من أجل السيطرة على العالم السفلي لمدينة نيويورك. عصابة أخرى سيئة السمعة، تُعرف باسم عصابة لينوكس أفينيو، بقيادة هاري “جيب ذا بلود” هورويتز، تتألف في الغالب من أعضاء يهود وبعض الأعضاء الإيطاليين. كانت واحدة من أعنف العصابات في أوائل القرن العشرين. كان همهم الاستحواذ على المال وحركته في المدن الكبرى، أداروا صالات القمار والدعارة والمخدرات والأسلحة وكل كسب غير مشروع، تبييض الأموال البنوك والفوائد وكل ما يمكنهم الوصول إليه. وبالتالي أيضاً، كان يلزمهم الدعم الإعلامي الذي بذلوا لأجله الغالي والنفيس.
حرّكوا المصطلحات ولعبوا بالثوابت. يقول روجيه غارودي: “إن أخطر ما قام به اليهود، وصف كتابهم بالعهد القديم، ووصف الإنجيل بالعهد الجديد، فقد شرّع لهم ذلك ببيع الكتابين المقدسين معاً! وفي هذا نوع من التآخي المفروض على الإنجيل ومتبعيه أحبوا أم لم يحبوا”.
في أوائل العشرينيات من القرن الماضي، تحرك اليهود لانتهاز الفرص الاقتصادية، ثم حفزهم الحظر لاحقًا، وكانت شخصيات الجريمة المنظمة اليهودية مثل أرنولد روثستاين تسيطر على مجموعة واسعة من المؤسسات الإجرامية، بما في ذلك التهريب، والقروض بفوائد فاحشة، والمقامرة، وصناعة الكتب بالطبع!
ووفقًا لكاتب الجريمة ليو كاتشر، فإن روثستين “حوّل الجريمة المنظمة من نشاط بلطجي يقوم به قطاع الطرق إلى شركات كبيرة تُدار بمجلس إدارة وعقول تنفيذية. في الوقت نفسه، سيطرت عصابة التهريب اليهودية المعروفة باسم العصابة الأرجوانية على عالم الجريمة في ديترويت أثناء الحظر، بينما كانت جماعتي باغز اليهودية وماير موب تعملان في الجهة الشرقية السفلى من مدينة نيويورك قبل أن يتم تم استيعابها في شركة Murder، Inc.
بل أكثر من ذلك، أسسوا نقابة إجرامية اسمها: “النقابة الوطنية للجريمة”، وذلك للربط بين العصابات في كل المدن الكبرى، إلى جانب تغلغلهم مع العصابات الإيطالية والإيرلندية وعقد شراكات لا بد منها معهم. فأصبحت مجموعات الجريمة اليهودية والإيطالية مترابطة بشكل متزايد في العشرينيات والثلاثينيات وصارت مجموعتا الجريمة العرقيتان قريبتين بشكل خاص في مدينة نيويورك بعد إقامة علاقة وثيقة بين الشريكين لاكي لوتشيانو وماير لانسكي. وفي لوس أنجلس ولاس فيغاس كانت عائلة كوهين الإجرامية مسيطرة ونافذة. وفي مييسوتا سيطر زعيم المافيا اليهودية الأمريكية كيد كان على مينيابوليس لأكثر من أربعة عقود ولا يزال أشهر رجال العصابات في تاريخ الولاية.
ومع تأسيس دولة الكيان، قدم العديد من رجال العصابات اليهود الأمريكيين البارزين الدعم المالي لإسرائيل من خلال التبرعات للمنظمات اليهودية واستخدموا قانون العودة الإسرائيلي كغطاء للهروب من الاتهامات الجنائية والضريبية أو مواجهة الترحيل. ومن بين الشخصيات البارزة جوزيف “دوك” ستاشر، الذي بنى مدينة لاس فيغاس من خلال دمج المافيا اليهودية والإيطالية في نقابة وطنية للجريمة المنظمة.
لقد اخترقوا الولايات المتحدة واحتلوها قبل أن يحتلوا فلسطين، واحتلوا قبل أميركا بريطانيا، استحوذوا على كل شيء وخاصة غسيل الأموال، ولنا أن نعرف مثلاً سيميون موغيليفيتش الذي غسل أموالاً بقيمة 10 مليارات دولار من خلال بنك نيويورك في عام 1998.
أخيراً؛ علينا أن نتذكر أيضاً “بيرني مادوف” وهو محتال أمريكي ووسيط أسهم ومستشار استثمار وممول يهودي سابق. وهو الرئيس غير التنفيذي السابق لبورصة ناسداك، والمشغل المعترف به لمخطط بونزي الذي يعتبر أكبر عملية احتيال مالي في تاريخ الولايات المتحدة. حيث قدر المدعون حجم الاحتيال بمبلغ 64.8 مليار دولار، بناءً على المبالغ الموجودة في حسابات عملاء مادوف البالغ عددهم 4800 عميل اعتبارًا من 30 نوفمبر 2008. واعترف مادوف بالذنب في 11 جناية فيدرالية واعترف بتحويل أعمال إدارة ثرواته إلى مخطط بونزي ضخم. فضيحة مادوف الاستثمارية احتالت على آلاف المستثمرين بمليارات الدولارات. وقال مادوف إنه بدأ مخطط بونزي في أوائل التسعينيات. ومع ذلك، يعتقد المحققون الفيدراليون أن الاحتيال بدأ في منتصف الثمانينيات وربما بدأ في السبعينيات.
واليوم، بعدما استحوذوا على كل شيء، يعيثون فساداً في غزة امتداداً لسيرتهم الإجرامية المديدة.