“نص خبر”- كمال طنوس
لم تكن إطلالة هيفاء وهبي في مهرجان موازين في المغرب تقف عند طبيعة الرداء. بل كانت مسحوبة بتلك الروح التي عمت وسط الحشود ووسط العاطفة ووسط الدمع الذي ذرفته هيفاء أبان مشاهدتها الحشود تهتف وتتزاحم من أجل لقائها.
حضرت هيفاء متسربلة بقفطان مغربي ملثمة الرأس كأنها تدخل محراب التجلي. وما أن شاهدت كل هذه الجموع تصرخ لها حتى أصابها الذهول وفاض الدمع وتحشرج الصوت وغصت بالدمع. التقطت هيفاء أنفاسها وأرسلت كلمات التقدير والحب والشكر وجمعت نفسها من جديد مع صداح الموسيقى. فهذه الساحة باتت لها.
وهي ملكة فوق منصتها وحولها الموسيقيين وفرقة الاستعراض التي ترافقها بدأوا يجتمعون في خطوات التمايل. شلحت هيفاء ردائها التراثي وانبرت تغني لجمهور غص في مقاعده وصار وقوفاً وأصبح طوافاناً من حولها.
ظهرت بما يليق بنجمة تزور بلداً احتفوا بها كأنها واحدة منهم. بادلتهم الحب بالحب واللهفة بالشكر وكانت منهم وهي ترتدي قفطان المغرب التقليدي الجميل المخطط بالذهب والتخريج والمزنر بالأناقة والرفاهية والشياكة.
كحلها الغامق وبريق الغليتر في عينها اهتز مع الدمع وسال وبقيت هيفا متوهجة كوردة تحت ندى الليل تتفتح وتفوح صوتاً واداءً.
وما أن عزفت الموسيقى أول اوتارها حتى خلعت القفطان وظهرت بحقيقة أخرى تشبه ما تجسده دوماً من شبق وجمال ودلع.
تمايلت بذاك الجامب سوت البراق الذهبي أو الأحمر أو الأزرق فالإضاءة كانت تحول البريق الذهبي إلى ألوان متغيرة كقوس قزح طلع من خلف العتمة والليل وظهر يتلاعب باللون على هواه.
رداء هيفاء وهبي كان مدروساً فقد برزت تقاطيع جسدها بالكامل واعطاها الحرية في التحرك وفي تقطيع الحركة الجسدية على إيقاع الموسيقى وكان التوهج هو الشعاع المرسل مع كل خطوة ولفتة.
هيفاء التي حظيت بليل مزدحم بالحب والهتاف قدمت اغانيها من قلب القلب. تاركة أثر حضورها نغماً وجمالاً وانوثة ستبقى ذكرى في عين من حضرها وهي ترخي بظلالها فوق المسرح المهيب والحضور بالألوف يستمع ويرى سيدة الكريزما الطاغية .
هيفاء التي تستطيع التلون بين الزي التقليدي وتعطيه تلك الروح الجليلة والتراثية وتدفق عليه من قامتها طلة مخططة بالأبهة أو بين جمبسوت البراق المسرحي وذاك الشغب المتدفق بالانوثة والرقة. هي واحدة أنيقة وجميلة كيفما حلّت.