2 يوليو 2023
حاوره – سامح محجوب
مأزق كبير أن تكون ابنًا لكاتب مشهور ما تزال ظلاله تملأ المكان والزمان وذروة هذا المأزق هو أن تحمل نفس الاسم ونفس اللقب ونفس الموهبة . عن صاحب ( من التاريخ السري لنعمان عبدالحافظ ، وديروط الشريف ، وقيام وانهيار آل مستجاب ، والحزن يميل للممازحة ، واللهو الخفي ) القاص والروائي الستيني محمدمستجاب( 1938-2005) الذي يقف فى المشهد السردي المصري والعربي على قمة تخصه وحده ويذكر فى سياقات لا يشاركها فيها أحد وذلك لأسباب كثيرة منها ما هو معروف للجميع ومنها ما لايمكن معرفته إلا من وريثه اسمًا ولقبًا وصفةً وموهبة القاص والروائي محمد محمد مستجاب الابن الذي تحدثت معه فى هذه الدردشة.
⇐ متى قال مستحاب الابن ( لن أعيش فى جلباب أبي) ؟ ومتى شعر بالانزعاج من هذا الإرث ؟
أنا محمد مستجاب مضاف إليه محمد مستجاب، كنت أعتقد أنني في الجنة لأني أحمل اسم مستجاب..لكنها جهنم..فدائما ما توضع موضع المقارنة وهي مقارنة ظالمة.. لذا عندما دخلت عالم الكتابة…وكنت في البداية أحد مشروعاتي هو السيناريو .. وكنت أريد تحويل أعمال مستجاب..رغم صعوبتها للسينما أو التليفزيون… لكن مستجاب زج بي لعالم الكتابة الرحب والمتسع…الرواية والمقال والقصة… وبالتالي فإن وضع اسم مستجاب كان عبئًا كبيرًا علي…لذا لجأت للجوائز لاختبار موهبتي… لأنه لا يوجد اسم وعندما تعلن النتيجة أجد مستجاب الابن يفوز بكذا
وكل هذا عرفان مني لأبي ولمدرسته… ولقد توقفت عن الكتابة كرواية وقصة من أجل الخروج من عالم مستجاب كي أحد نفسي…لكن كان هذا صعبًا جدًا …فالكثير من الأفكار والمشروعات أجد قضبان السكك والطرق مستجابية المنشأ.
⇐ وكيف ترى حضور مستجاب الأب بين أبناء جيله الذين اعتمدوا فى حضورهم على أشياء لم يجدها صاحب التاريخ السري لنعمان عبد الحافظ؟!
بالنسبة لحضور مستجاب بين أبناء جيله…دعني اعترف اعترافًا نرجسيًا، وهو أنني ظللت أقرأ لهذا الجيل لأجد أن أكثرهم موهبة ووعي وتجربة مستجاب…لكن لانه أهلك نفسه في كتابة المقال لم يترك عددًا كبيرًا من الروايات…وبالتالي فإنني أجد كثيرًا من الروايات المستجابية يجب أن أحققها مثل رواية لم يكتبها مثلًا عن السد العالي وهو موضوع غالية في الصعوبة تنفيذه.
⇐ اعتمد مستجاب الأب على مادة سردية حية وساخنة .. فهل مازال الأدب قادرًا على فعل ذلك؟ أم أن الحياة لم تعد قادرة على منح الكاتب مادة حية يمكن أن يشتبك معها ؟!
مستجاب صاحب تجربة عظيمة وثرية وحية وأنا أحسده عليها كما أنه لم يكتفي بذلك بل درب نفسه على تطويرها بالسفر والقراءة ومعايشة الناس الذين يريد الكتابة عنهم وهو لم يترك شيئًا يمر هكذا من أمام عينيه…. والحياة الآن لم تعد تقدم ذلك خاصة أن الكاتب يستسهل الحصول على المعلومة من الإنترنت وكثير من روايات جيلي للأسف منقولة من أفلام عربية وأوروبية…وهو موضوع سخيف أطلق عليه روايات مستنسخة ولا تمثل رؤيتنا المصرية أو الحياة التي نعيشها وكيفية التعبير عنها وفكرة أن هذا العمل قد حصل على جائزة هو شيء يهين الأدب ذاته… لأن الأدب أسمي وأرقى من هذا سواء اللغة التي يمتلكها أو الموضوع الذي يطرحه.. إن الحياة سوف تستمر في تقديم الجديد دائما وهو ما لم ننتبه له لأننا جيل من الكسالي.
⇐ اشتبكت كثيرًا مع آخرين متهمًا إياهم بسرقة محمد مستجاب .. لماذا مستجاب تحديدًا محطًّا لهذه السرقات وهو الكاتب الشهير الذي قد يتعرض من يسرقه لفضيحة مدوية ؟
مستجاب مؤثر بشكل غريب على كل من احتك به…سواء على مستوي أعماله أو شخصه…فمازلت ألتقي بأشخاص يتذكرون كلماته وأسلوبه ومناقشته معهم.. وهو يتسرب بالتالي في أفكارهم وأعمالهم وهم لا يشعرون بذلك إلا بعد الوقوع في هذا الفخ.
فكثير من أعمال درامية أستطيع أن أقول لك أنها أفكار مستجاب كما أستطيع أن أفعل ذلك في الادب… المدهش أن تلاميذ مستجاب حاولوا أن ينكروه أو يأتوا بسيرته في تطور مشروعهم…خاصة الاختفاء حول جملة أنه كاتب شيطاني…وأقرب دليل على ذلك أحد الكتاب الذي رحل منذ أيام كان ينكر مستجاب وتأثره به على مستوي الكتابة ومستوي الحياة… وعندما توفي وجدت كل رثاء أنه كان متأثر بمستجاب ويكفي أن له عنوان أحد الأعمال مرتبط بعنوان قيام وانهيار آل مستجاب … إن حق مستجاب يعود له مهما تم سرقته أو نهشه أو التقليل من تأثيره.
⇐ بعد هذه السنوات من رحيل مستجاب الأب هل تتمثل مقولة عالم الاجتماع الكبير سيد عويس ( التاريخ الذي أحمله على ظهري) ؟
آهٍ من تلك الجملة..
التاريخ الذي أحمله على ظهري
إنه حمل كبير وضخم وأنا سعيد به في بعض الأحيان وفي أحيان كثيرة ألعن هذا التاريخ من قوته وقسوته…لكن هذا هو ميراثي وثروتي وسوف أحاول خلال السنوات القادمة أن أسقط تاريخ وضعه أبي على ظهري في شكل روايات أتمنى أن تسعده .