بيروت_ كمال طنوس
تزوجت نجوى كرم دون أن يُعرف تاريخ زواجها. هي التي زفت بأغانيها آلاف العرائس ودبكت على أنغامها أرجل المحبين بالملايين في أعراس الحب.
تزوجت نجوى كرم لأن الحب حق وسر لا يعترف بمكانة أو نجومية أو أبهة أو عمر. الحب يأتي عارياً إلا من مشاعره وعندما يتدفق في عروق المرء يصبح زهرة بيضاء يصعب إخفاؤه.
فتحت ستائرها البيضاء نحو أفق جديدة ونظرت إلى المستقبل من نافذة الحب والزواج، وراحت تغزل شرنقة تطلعاتها الجديدة.
تسترت نجوى على زواجها رغم أن الزواج خلق ليكون علانية الحب. لم تصمد نجوى في كتمانها، أعلنتها بخفوت ارتدت ثوب زفافها المتستر المتحجب أكماماً طويلة وياقة عالية وأذيالاً رافلة وأخبرت محبيها :”هذا ثوب زفافي”.
ثوب الزفاف الذي يركن عادة في خزائن الزمن كذكرى بعد ارتدائه، وفي أحسن الأحوال يعاد ارتدائه مع عروس جديدة ليتجدد عقد الحب والقران مع عروس يافعة. لكن لثوب نجوى مناسبتان واحدة بعيدة عن الأضواء وضيقة وأخرى علانية وأمام الجموع الكبيرة.
أتى الخبر من بعيد من بوخارست رومانيا. بعيدة تلك البلد عن قلوب محبيها في وطنها الصغير لبنان أو وطنها الكبير الدول العربية. كأن هذا الخبر يحتاج ريحاً تقذفه ليصل إلينا، لكن الميديا أقوى من الريح تنشر وتنثر.
لم تعلن نجوى خبر زفافها من “موازين” حيث كانت قبل يوم واحد، والناس بالألوف والقلوب شعلة لقاء والأيدي تلوح بأهازيج الاستقبال لنجمتهم المحبوبة. ربما خافت نجوى من ردة الفعل الهادرة حيث الجمهور بعشرات الآلاف يزف نجمته دون حفل زفاف فكيف وهي عروس.
نجوى التي عاشت تكلل الكثير بأغاني العشق والحب واللقاء ورجفة القلب دون أن تكون بردانة. حان دورها الأن ارتبطت دون أن يغني لها أحد أو يرقص لها أحد أعلنت الخبر بأقل هيصة ممكنة، بأقل من إعلان حفلة أو كليب أو أغنية جديدة. أعطتنا صورتها منفردة كعروس دون أن نرى يد العريس تشبك يدها أو عيونها تلتقي بعيون عمرها. المهم إن شمس الاغنية اللبنانية وقفت على شرفة الزواج وتعيش بياض حلمها.
كلمتان على المسرح وأعلن الخبر دون صورة، دون مدونة دون أغنية خاصة. هي وكل فنان وفنانة لو أرادوا أن يغنوا في حفل نثروا الأخبار والصور على مدى الشبكة الإلكترونية.
فنانة المدى والصوت القوي الذي يقطع وهاد وجبالا وأنهار تزوجت على غروب وكان الغسق جميلاً بعد عمر من نجاحات وأقاويل وأحداث وحكايات حب لم تكن جديرة بصاحبة “روح روحي” و”قلبي لمين ” و”مغرومة”. صارت نجوى كرم الأن في مقاطع أغنية “نقطة ع السطر ” – بدي لاقي حالي لقيتك، حد الشمس معمر بيتك نقطة ع السطر حبيتك – وجدت الحبيب الزوج عمر الدهماني.
نجوى كرم لم تكن سيرتها اعتيادية فهي التي كرست حياتها للفن، مراهقة موهوبة وناجحة وشابة لامست عشرينها بنجاحات ساحقة وصار اسمها واغانيها ترداد في الحناجر فسطعت كشمس وباتت من حينها وريثة الغناء الذي يؤرخ للزمن. وأصبحت أكثر نجمة الهاماً وأفضل مغنية على المسرح وأولى الشخصيات العربية.
كرم التي بزغت كفنانة يشهد لها في ثمانينات القرن الماضي وباتت شمس الأغنية اللبنانية. حملت في دفاتر مسيرتها 22 البوماً والحبل على الجرار. مرّ العمر الحاناً وأغاني وأقاويل حب، لم تثمر عن ارتباط سوى زواجها من يوسف حرب عام 2000 ولم يتسمر أكثر من عامين. حتى وجدت ضالتها في الحب والارتباط وهي على مشارف الكهولة الناضجة.
نجوى كرم عروسة يافعة الروح وإن كانت السنوات حمل ثقيل في الخبرة والنجومية والنجاح. عروس تعطي الامل بأن الحب ممكناً عند أي مفرق عمر بعد اجتياز سن الشباب الصاخب. لم تقيد الحب والزواج بعمر بل فردته طليقاً في سماوات اللقاء تقترن بمن سيكون لها فضاء وبحاراً وسنداً.
زواج نجوى كرم إقرار بأن الفن والارتباط ممكن ولو بعد حين. عسى أن يكون هذا الارتباط أبدي لا تشوبه شائبة ويكون مثالاً يحتذى به. كما كانت دوماً فنانة لها مكانتها، وانسانة لها أيدي بيضاء، ومواطنة لها مواقف مشرفة في الشّدة.