“نص خبر “- كمال طنوس
ناديا الزعبي.. اسم يختصر طراز الحكماء والكتّاب والخطباء. تلقن الدروس وترسل العبر.
برز اسم الزعبي لإلقائها خطاباً مختلفاً يعيد طبخ الأفكار بطريقة القيم وإعطاء الدروس الجيدة.
معلمة السوشال ميديا
ناديا الزعبي استطاعت أن تبني حالة تنويرية عند متتبعي السوشيل الميديا، وتصبح كراسهم ومعلمهم ومرشدتهم. تبني صحيفتها بنفسها وتطلق برامجها كناقدة تعرف حنطة الكلام والمواقف من زوانها.
لا تملك الزعبي من الحبر سوى صوتها ومن الورق سوى منبرها متخطية حدود الانتشار الواسع لتصبح اسماً ملهماً وعزاءً لمن يطلب مقولة وحكيمة في مجالس الرأي.
حاملة فاكهة الكلام وسط النشاز
يُنتظر من السوشال الميديا أن تكون مهمتها التثقيف، لكن ذلك يحصل نادراً وبشح موصوف. تأتي مذيعة مثقفة من أمثال ناديا الزعبي تأخذ هذه المهمة وتفلح بها وتكون الصوت الجميل المتفرد وسط هذا الكم من النشاز. تحمل فاكهة الكلام وتقدمها بصوتها زاداً يصلح هذا الاهتراء الشاسع.
ناديا الزعبي عبر برامجها المعروفة التي برعت فيها واستطاعت أن تصبح اسماً ملهماً ورقماً صعباً سواء فيما قدمته سابقاً في برنامج “صح صح”. وصولاً إلى برنامج “القرار” الذي تقدمه اليوم عبر شاشة “الغد”. قدمت خطاباً يغري الفكر يحركه دون ضرورة إلى أن يغيره. بعثت بصوتها أمواج التحرك لبحر راكد يحتاج من يقلب ماءه وقلبته.
لم تخدر ناديا الزعبي في خطاباتها القصيرة المخ بل هزت الرؤوس. وهذه المهمة كافية أن تكون واحدة من بين اعلامي العصر القادرين أن يستخدموا الميديا كمفتاح للذهن من أجل معرفة فضيلة.
خطيبة ملهمة
تمتلك الزعبي أدواتها وتحملها كنحات يريد أن يشذب الصخرة لتصبح قطعة فنية. فجاءت بالصوت دربته على نبرة معينة بين الأسف حيناً والانطواء حيناً والحض أكثر الأحيان والسخرية حيث توجب، وصاغت درسها بين نوتات هذا الصوت المتغير وحكت رسالتها حتى صارت عنواناً في يوميات كثيرين.
تجيد لعبة الصوت كمحترفة وفنانة تروضه حسب الكلام ومضمون الرسالة، تنهر وتزجر وتلمح وتحضن وتدمع وتحشرج ومن ثم تلقي كلامها كخطيبة ملهمة.
صوت متغير مع صورة محافظة
ولأنها ليست فقط مذيعة صوت بل صورة أيضاً اشتغلت على صورتها. طلت حصينة رصينة حافظت على ملامح معينة واستعملت ألوان معينة. جعلت لصورتها هوية وملامحها ثابتة لكن فيها كل جمالية.. وهذا جعل منها صورة المرجع الذي لا يتغير بل صورة محفورة في صخر وليس وجه مائي يتبدل كل يوم. فجمعت صوتها المتغير بمضامين عديدة مع صورة محافظة لا تهتز لتكون قادرة دوماً على مسح الغبار من فوق زجاج العقول.
الحس التمثيلي
من أدواتها أيضاً الحس التمثيلي فهي عندما تحكي تلعب على النبرة كممثلي الإذاعة، فصوتها يصل بالمحتوى وهي تهز اركان المستمع، فتحثه على النهوض أو توبخه أو تعلمه أو تعصف به. وكأن بها تحرث عقل المستمع لتزرع فيه بذورها.
ابتسامتها أقوى أسلحتها
وفوق كل هذا تتمتع بسلاح هو أهم أدواتها وهي ابتسامتها وضحكتها. تعرف كيف تستلها لتكريس رسالتها. في ضحكتها احياناً شيء من الخبث المحرك، وأحياناً شيء من السخرية ومرات عديدة تستعمل هذا السلاح لبناء رسالة ساطعة لكنها مرّة وتريد حفرها فتسن ابتسامتها لتغرز حقنة العلاج.
كتاب جيب تُهز له الرؤوس
ناديا الزعبي ليست كاتبة أو أديبة لكنها مربية الذوق العام وتسلي الناس بخطاب حلو المذاق مقدم بطبق شهي. فهذا يكفي أن تكون واحدة من أدباء هذا العصر الجديد الذي غير كل شيء حتى مفاهيم الأدب والصحافة والرأي العام. وكانت كتاب الجيب الجيد الذي نفتحه عبر الهاتف لنسمع أخر مقولاتها ودروسها وطريقة سخريتها فنتعلم ونهز لها رؤوسنا.