“نص خبر”- كمال طنوس
فيلم lonely planet”” أو الكوكب الوحيد على نتفليمس.. رحلة حب واكتشاف كتبتها واخرجتها سوزانا غرانت يعرض على نتفلكس ومن انتاج 2024. قصة تحكي عن حب بين كاتبة مشهورة كاثرين (لورا ديرن) وشاب يصغرها جداً أوين (ليام هيمسورث).انها رحلة اكتشاف الذات والألهام الذي يأتي من الحب.
أبعاد الفيلم
أبعاد الفيلم الشيقة ليست في ذاك الحب بين سيدة متقدمة بالسن وشاب بنصف عمرها. مثل هذه القصص قد اعتاد المشاهد عليها خاصة عندما يكون الرجل وباستمرار أكبر من المرأة. لكن التشويق يقع في مضامين الشخصيات التي تعالجها الكاتبة المخرجة وكأنها على دراية تامة بشخصياتها التي ألفتهم وجعلتهم لحماً وروحاً في فيلم يمكن أن نسميه دافئ وطري ونقدر ان نشم روح النسيم من مقاطعه.
لورا ديرن بطلة استثنائية
الممثلة لورا ديرن قادرة أن تمسك أي جفاف وتحوله رطباً منعشاً. فهي ذات الحضور الآسر التي تختصر كل الفيلم وما الشخصيات الأخرى سوى مساعدين لتتمة القصة.
تحضر كاثرين الكاتبة المشهرة إلى المغرب العربي من أجل إيجاد فسحة هدوء للكتابة وهنا يبدأ مشوار الجمال مع الطبيعة الخلابة للمغرب الذي أسهب الفيلم في تصديرها لا سيما المنتجع الذي يضم بين أروقته ضيوفاً من مختلف البلدان وكلهم كتاب مشهورين وكأن هذا المنتجع وجد للأدباء ومن بين الجمع كان كاتبة حاصلة على جائزة نوبل. لكن كل هؤلاء الكتاب والأدباء لا نشعر بوجودهم لا بل كانوا هامشيين وصوروا على أن التفاهة تحيطهم.
فالأديبة صاحبة جائزة نوبل حادة اللسان وسليطة ومتنمرة. وذاك الأديب السكير الذي يعشق الجنس والكحول. وتلك الفتاة اليافعة التي عرفت الشهرة السريعة من خلال كتاب سرعان ما توجها وأتت مع حبيبها “أوين” الذي يعمل كرجل أعمال. وبدأت تتضح الخلافات والفوارق بينهما.
بالعودة إلى البطلة لورا ديرن بشخصية كاثرين الكاتبة المشهورة القادمة من بعيد مشتتة بعد أن تركت حبيبها النحات وطردت من المزرعة التي كانت تعيش فيها وباتت بلا منزل. تريد خلوة أمان وهدوء تساعدها في التركيز على الكتابة. تصل المغرب منتجع “القصبة” بعد أن ضاعت امتعتها وسرعان ما يتضح أن غرفتها الانيقة جداً بدون ماء وتطل على صخب الأوتيل فتطلب ولو خزانة فارغة تسعها حتى تجد الهدوء والقدرة على الكتابة. تبدو وكأنها متقشفة ومتنازلة عن كل شيء وزاهدة سوى من الكتابة.
الرومانسية الشبقة
يخلق نوع من الشرر بين أوين الذي يشعر بالوحدة والبعد عن حبيبته الشابة ويرميه القدر امام كاثرين المتوحدة في خلوتها وكلماتها. ويخلق نوع من الحوار البعيد الغور في الذات ومتطلباتها. حوارات قد تبدو بديهية لكنها نابعة من الداخل ومن الصعب البوح بها سوى لغريب لا يجمعنا به شيء. والتقى الغريبان وبات الكلام زاداً لهما وبوح عميق. وكأن العشق نبض بينهما بأعلى دقاته. لكن هذا ليس كافياً أن يبني عليه المرء حياة وحب وارتباط.
أوين يزعل ويتركها ويمشي لمجرد أن قالت له يجب أن تفكر بانك ولد بالنسبة لي. وهي عندما سُرقت منها نسخة كتابها صبت واجم غضبها عليه. افترقا. ولكن الندوب رسمت فيهما الدروس والعبر ولم ينطفأ هذا الحب.
خلال هذا الفيلم سنجد امرأة قوية زاهدة في كل شيء بالرغم من شهرتها ومكانتها سنعيش فصول الحب الطيب غير المصطنع وسط طبيعة ملهمة. سنجد أن الروح تلتقي بنصيرها في قلب قد يكون أكبر أو أصغر بالسن. سنعرف أن العمل الذي لا نجد فيه سعادتنا سرعان ما نفشل فيه ونغادره دون أسف. سندرك أن الحب لا يعترف بالعمر بل بتلك الاواصر الخفية بين روحين.
هذا الفيلم الرومانسي يمكن أن ينقل المشاهد إلى مكان أخر خاصة مع القديرة لورا ديرن القادرة أن تخلق من الجماد حياة ومن النظرة اسطورة ومن الكلمة محطة عودة. هذا الفيلم ينقب في الدواخل يحكي عن الغطرسة وعن التواضع وعن العمق وعن الشر.
هذا الفيلم ليس تحفة لكنه محطة رومانسية قادرة ان تأخذ المشاهد إلى شطآن جديدة وتغرقه في جمالها وامتدادها وتنسيه هناك لفترة وتعطيه زاداً طيباً قد لا ينسى مذاقه.