رمز المكارم والعلا…

 

في رثاء الرحيم الشيخ عائض بن عبدالله بن زنان رحمه الله الذي وافته المنية مساء الجمعة ١١/ ٦/ ١٤٤٣

د. عبدالرزاق بن حمود الفقيه الزهراني

تمضي الحياة تحفّها الأوهامُ
أفراحُها تُودي بها الأسقامُ

كم غابَ طفلٌ عند فجرِ حياتهِ
كم أنّ من ألم الحياة عِظامُ

ونرى أسوداً قد تعاظمَ جُرحها
وبُغاثَ طيرٍ للفرائسِ حاموا

تمضي الحياةُ وموجُها متتابعٌ
حَصِرَت بها الكلماتُ والأرقام

أحداثُها لا تنتهي وجروحُها
تترى، وجلُّ دروبها آلامُ

يا عايض الخيراتِ كنت مسدداً
بدراً إذا عمّ الدروبَ ظلامُ

تهدي الحيارى في طريقِ ضياعِهم
وتدلُّهم للخير حيث أقاموا

جربتَ حرمانَ الطفولةِ باكراً
وعرفتَ ما يرنو له الأيتامُ

وحفرتَ في صخرِ الحياةِ منافذاً
بسلوكِها تتحقق الأحلامُ

قد كان إخوتُك الكرامً سواعداً
فيها لمن ينوي السلامَ سلامُ

فيها لمن ينوي المكارهَ صارمٌ
يهوي على أهل الردى صمصامُ

في الطائفِ المأنوسِ كنتم موئلاً
يأوي له الأصحابُ والأرحامُ

يأتي الضيوفُ ويرحلون كأنهم
ببيوتهم إن أفطروا أو صاموا

لم يثنكم فقرٌ وضيقُ مواردٍ
إنّ الكرامُ مع السنينَ كرامُ

يا صاحبَ الوجهِ البشوشِ وسيدٌ
لم يغره في المكربات حرامُ

تُحيي المجالسَ بالأحاديث التي
لا كبر يغشاها ولا إيهامُ

متواضعٌ متسامحٌ أخلاقه
في ضوئها يتجسدُ الإسلامُ

قد كنت رمزاً للمكارمِ والعلا
ولكم بكل فضيلة إسهامُ

لا تخشَ وقت الحقِّ لومةَ لأئم
هل من ينيرُ لنا الدروبَ يُلامُ؟

لا تخشَ وقت الحقِّ قولةَ حاقدٍ
أشباهُك الرئبال والضرغامُ

خلّفتَ أبناءً وجيلاً صالحاً
ما مات من أبناؤه أعلامُ

إن الحياةَ صغيرُها وكبيرُها
لا بد أن يأتي إليه حِمامُ

قد كنت رمزاً فيه قامةُ ماجدٍ
لرحيل مثلك تُنْكَسُ الأعلامُ

مثواك جناتٌ يدومُ نعيمُها
وعليك من ربِّ العبادِ سلامُ

مكة المكرمة 14 /6 / 1443

قد يعجبك ايضا