“نص خبر”- كمال طنوس
باميلا الكيك تعرف دوماً كيف تدّور أنفاسها وتغير جسدها وتحيك صوتها بأحبال جديدة لتنقش أي عمل تريده بشخصية جديدة.
باميلا الكيك في مسلسل “آسر” بشخصية حياة جاءت كأنها لأول مرة تأتي الينا لا نعرفها سوى من محياها. بدأت في العمل كشخصية مراهقة وطفلة ومن ثم شبّت وكبرت واستطاعت أن تلعب كل هذه التبدلات والتغيرات من فتاة شقية وطفلة مشاكسة إلى شابة وسيدة متزوجة.
ونقلت معها كل الامزجة الخاصة بحياة. تلك الشخصية القادمة من الجريمة والتبلي والكذب نحو شخصية نادمة محبة تحاول أن تقف على الخط المستقيم علها تنسى تاريخاً لا تفتخر به وتحاول نسيانه. في عيونها ألف ندم وفي صوتها تهدج الخائف وفي مواقفها تحدي مستعدة أن تشرأب كأسهم عندما تتهدد حياة محبيها.
الأزدواجية
شخصية حياة المختلطة بالازدواجية بين الندم على جريمة قيدت نحوها والحنين لحبيب يذكرها بالبراءة والطيبة والبقاء على واقع حال لتكمل درباً لا فكاك منه بين ابنها واختها وتعض الجرح على زوج كان قدرها ولم يكن حبيبها.
الكيك التي لبست حياة بكل ما فيها بعيون جديدة غائرة النظرات عندما تسهب في الماضي الذي ترفضه وتحاول نسيانه وتصفيته دون قدرة على وضع خط فاصل بين الحب النقي الذي لطخته مع مجموعة رفاق لم يكونوا في حياتها سوى المستقبل المتشح بالحزن والخوف.
حياة في جسد باميلا الكيك شخصية ممزقة ومنهارة بالرغم من كل الأثواب الجميلة التي ترتديها لكن خلف هذا الجمال يخيم حزن دفين وخوف من جبال ورعب لا يفارقها. ونظرات حائرة تسربلها وتعيدها في كل لحظة نحو ماضٍ تود لو تنفضه من ذاكرتها ولا تستطيع.
الضحية والجلادة
بالرغم من أن حياة في العمق ليست ضحية بل جلادة. لكن الغوص في اعماق الشخصية تبدو بانها ضحية ومعذبة ومنقادة وتمشي نحو مستقبلها بسوط مسلط على عنقها. والضمير يأكل منها كل يوم قطعة. وهذا التعقيد في الشخصية المتآكلة المكلومة استطاعت الكيك ان تستحضرها بكل اريحية وزرعتها في دواخلنا ولم نعد نرّ منها سوى أنها ضحية تحتاج منقذ لها.
الدور المعقد
دور صعب ومعقد تأتي به باميلا الكيك ولا ترتبك من تجسيده فهي قادرة على خلق الابتسامة في عز الدمعة عندما تلتقي ابنها أو شقيقتها التي تخاف عليها. ومن ثم ترحل نحو مخدتها تشلح عليها دموعها، وعندما يناديها الزوج لقضاء واجب الحب تبلع ريقها دفعة واحدة وتصبح كمسمار حاد تريد أن تحسم أمورها باتجاه أن لا تختل حياتها ولو على رفض وعلى اشمئزاز وعلى وجع.
باميلا الكيك تؤدي الدور الأصعب بين شخصيات العمل. لأنها الوحيدة النادمة والوحيدة التي تسير في درب لا تريده والوحيدة التي بقيت مشتتة بين الامس والحاضر وعليها ان تجلب كل الاحاسيس المتناقضة بين ما هي حقيقتها الطيبة وبين الأجواء القاتمة التي تعيشها. انها خزان من التناقضات التي تطاحن داخل روح وجسد وعلى باميلا أن تجسدها كاملة في شخصية حياة التي نجحت. فصارت هذه الشخصية ملكة في تعابيرها وسطوتها. علماً انها لا تسطو بحجم المَشاهد اكثر من سواها لا بل مشاهدها قد تكون الأقصر لكنها الأنصع والأكثر لغزاً وحيرة وتعاركاً.
باميلا الكيك ممثلة تفتح قريحتها بالإبداع كل مرة وتفرجي طاقاتها دون خواء ودون اخفاق منذ البداية عندما وقفت امام الكاميرا منذ أكثر من عشرين عاماً وحتى الان وبقيت نضرة وملفتة ومتلونة قادرة على الولادة من جديد. فعرق الابداع قوي في خشبها وفي كل مرة تنحت جسداً جديداً وروحاً جديدة.