15 أبريل 2023
حاورها: هاني نديم
يقول ابن خلدون في مقدمته: “الأزياء والأغاني والطعام، الهويات الأكبر لكل شعب”، من هنا نفهم تطور الأزياء عبر العصور وتلامسها مع الفنون المسرحية والسينمائية والتشكيلية وغيرها.
وفي سبيل صورة مثلى، تجتهد الأعمال الدرامية السورية في إحاطتها بكل التفاصيل من حول الممثل من إضاءة الموقع لزاوية التصوير للأزياء والموسيقا التصويرية. رجاء مخلوف، اسم لامع أعطى للدراما السورية بعداً جديداً للأزياء في عالم الدراما. فهي مصممة أزياء اعتبرتها مجلة آربيان بيزنس من بين أكثر 100 شخصية عربية مؤثرة عام 2014.
صممت رجاء مخلوف الأزياء لكبرى المسلسلات العربية مثل الزير سالم والملك فاروق ونزار قباني وعائدٌ إلى حيفا وغيرها الكثير، ولمعت هذا الموسم كعادتها في تصميم أزياء مسلسل الزند الذي لفت الأنظار مجدداً إلى قيمة الأزياء في نجاح أي عمل درامي.
نص خبر التقت السيدة رجاء مخلوف في دردشة بسيطة، سألناها عن مفهوم الأزياء في الدراما، ماذا يعني تماماً؟، أجابت: “هو أن أمنح الشخصية التي يؤديها الممثل مفاتيح لعوالم شخصيته. الزي تعبير عن البيئة، عن الثقافة، عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وبالضرورة هو تعبير عن المزاج الخاص بالشخصية. قبل أن ألبس الممثل أو الممثلة أجرب الملابس على نفسي في الورشة. عندما تنقل لي تلك الملابس شحنة جيدة من المشاعر واللياقة أعرف أنني في الطريق الصحيح. ولابد من شحنة جمالية حتى لو كانت الملابس لشخصية فقيرة لأني أقدم فناً هو جزء من الصورة العامة للمشهد”.

سألناها عن آلية عملها، وكيف تذهب إلى عملها، تقول: “أبدأ كما الجميع بقراءة السيناريو، ولكن لطالما بدأت من قبل ذلك، عندما أعرف أن العمل يتطرق لمرحلة تاريخية معينة وأبدأ البحث على الأنترنت والبحث في الكتب ذات المرجعية التاريخية المناسبة لفترة العمل، وهي من المراحل الهامة جدا والممتعة لي لأنها تزيد من معارفي وثقافتي. يجب أن أُلِم بالمرحلة وأقرأ وأشاهد أكبر كمية ممكنة من المقالات والصور والكتب حتى أكوّن خلفية لعملي. لا إبداع بدون معرفة. ثم آخذ من كل ذلك اللازم والكافي لرسم صورة للزي. بعد ذلك تأتي المرحلة الممتعة جدا وهي البحث في الأقمشة المتوفرة وانتقاء المناسب منها. لطالما أخذ بيدي القماش الجميل إلى التصميم المناسب. من ثم انتقاء أو صنع الاكسسوار اللازم للزي حتى حقيبة اليد أحياناً أصنعها بنفسي. خاصة بعد سنوات الحرب في سوريا حيث ضاقت الخيارات في كل شيء”.

سألناها: هل يمكن أن يمارس تلك المهنة غير المختصين، وكيف ترين أزياء المسلسلات عموماً، تقول رجاء: “بالنسبة لي لا أستسهل العمل وغالباً أذهب للخيارات الأبعد التي تعطيني صورة أكثر جمالا. أزياء المسلسلات تحتاج جهة منتجة مؤمنة بأهميتها لناحية الإضافة التي تقدمها لمجمل العمل، وحاليًا صار الاهتمام كبيراً بجزئية الأزياء التي أصبحت أولوية. الزي له علاقة بالممثل وبالضوء وبالمكان كلما كانت هذه العناصر متناغمة كانت النتيجة أعلى لعموم الصورة. في “الزند” مثلاً عملت بشكل كامل مع مدير الإضاءة البولوني لأن الضوء يبرز الجمال أو القبح. لم تعد الأزياء ثانوية أبداً بل باتت تأخذ مكان الصدارة، وأنا تعلمت من السينما حساسية القماش واللون، الأزياء الدرامية الحقيقية تحتاج ثقافة حقيقية من أدب وشعر وتاريخ وفن تشكيلي. الأزياء خلاصة المعرفة كما كل منتج فني”.