الثلاثاء 25 أبريل 2023
منذ إعلان عودته عن قرار الاعتزال، يواجه الفنان فضل شاكر مسيرة فنية متعثّرة، يطرح أغانٍ منفردة واحدة تلو الأخرى، لا تجد رواجاً حتى على مواقع التواصل الاجتماعي.
فضل المتواري عن الأنظار داخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، محكوم غيابياً بـ15 سنة سجن لمشاركته في أعمال إرهابية سنة 2013، اعتزل الغناء معلناً “توبته” مطيلاً لحيته، ثم عاد عن اعتزاله طالباً الغفران، لكن الجمهور لم يغفر له بعد.
لم يتمكّن فضل من مسح صورة الرجل الملتحي المتشدّد، الذي التصق بالشيخ أحمد الأسير المحكوم بالسجن 20 عاماً بتهمة تأليف جماعة إرهابية قاتلت الجيش اللبناني في صيف 2013، في مدينة عبرا جنوب لبنان، في معركة راح ضحيتها جنود من الجيش، قبل أن يفرّ فضل مع الأسير من أرض المعركة بعد أن تمّت محاصرتهما، ليصبح الفنان أسير المخيم الذي يحظّر على القوى الأمنية اللبنانية دخوله، ويلقى القبض بعدها سنوات على الأسير خلال محاولته الفرار متنكراً.
قبل تورّطه في معركة عبرا، بدأ فضل شاكر يظهر ميولاً متشدّدة، أجرى لقاءات صحفية أعلن فيها أنّه اقترب من قرار الاعتزال، هاجم بشدّة زملاءه في الوسط الفني، ومع اندلاع الحرب السورية، كان فضل قد اتخذ قراره، بدأ بتلقّي الدروس الدينية على يد الشيخ الأسير، ثمّ أطلق لحيته معلناً اعتزاله الفن وتوبته. أجرى مقابلات تلفزيونية أعلن فيها ندمه عن حياة الصخب التي عاشها، فضح كواليس عالم الفن والتنازلات التي يقدّمها الفنانون، قبل أن يبدأ بجولات شعبية مع الأسير محورها دعم المعارضة السورية.
تغيّر سلوك فضل، واتّخذ من “تويتر” مساحة لشنّ حروبه، استخدم تعابير طائفية وانغرس في حرب التحريض والفتنة الدينية، فقد الكثير من التعاطف، وظهر في فيديو لا يزال يوتيوب يحفظه، وهو مدجّج بالسلاح، يفخر بقتل عنصرين من الجيش اللبناني، كما ظهر في أكثر من فيديو وهو يحرّض على الجيش، حتى جاء يوم الأحد 23 يونيو، واندلعت معركة بين الشيخ الأسير وجنود من الجيش اللبناني، انتهت بالقبض على جماعة الأسير الذي كان قد فرّ مع فضل إلى مخيم عين الحلوة.
في المخيم ظلّ فضل متوارياً، إلى أن صدر بحقّه الحكم بالسجن غيابياً 15 عاماً، في خريف العام 2017، بعدها حصلت الكثير من المفاوضات كي يسلّم فضل نفسه إلى الجيش اللبناني، وظهر الفنان عبر إحدى المحطات المحلية، طالباً من رئيس الوزراء اللبناني آنذاك سعد الحريري أنّ يعطيه الأمان كي يسلّم نفسه ويحصل على محاكمة عادلة، متخوفاً من أي حكم كيدي، وحصل فضل على دعم الحريري شرط أن يسلم نفسه، لكنه ظلّ يدور في دوامة تارةً يؤكد أنّه سيكون في قبضة المحكمة العسكرية خلال أيام، وتارةً يؤكد أنّه لن يسلّم نفسه لأنه لا يثق بالقضاء العسكري، رغم الأدلة التي قدّمها والتي تظهر انّه لم يشارك يومها في قتال الجيش، إلا أنّ الحكم الصادر بحقه، أدانه بتهمة المشاركة في تأليف عصابة أشرار والنيل من هيبة المؤسسة العسكرية والتحريض على العنف.
بعد صدور الحكم بأشهر قليلة، أدرك فضل شاكر أنّه اقترف خطأ جسيماً، وأنّه سلك طريقاً أودى به إلى الخراب، ظهر حليق الذقن، معلناً أنّه سيعود إلى عالم الفن.
وتعاقد من مخبئه مع شركة “العدل غروب” المصريّة لغناء تيتر مسلسل “تعبنا من التمثيل” للفنانة يسرا في رمضان 2018، يومها شنّ الإعلام اللبناني هجوماً على الشركة، الأمر الذي دفع بهذه الأخيرة إلى إلغاء تعاونها مع فضل، مؤكدة أنّها لم تكن تعلم بحقيقة وضعه القانوني، وأنّ تواصلها معه تمّ عن طريق ابنه محمد بعد أن شاهد القيمون عليها الأب والإبن يغنيان في حفلة مصورة فوجدوا أنّ صوته مناسباً لأغنية المسلسل.
لم يتملك اليأس فضل، ومن حينها يطلق الأغاني تباعاً، ففي السنة الحالية أطلق أغنيتين خلال أربعة أشهر، نجحت الأغاني في تصدر مواقع التواصل، لكنّ نجاحها وقف عند هذا الحد،
ظلّ فضل أسير صورته، كهارب من العدالة رغم محاولة المقربين منه إيهام الرأي العام بأنّه نال حكم براءة، مستندين على حكم حصل عليه الفنان في قضية رفعها ضدّه رئيس بلدية حارة صيدا يتهمه فيه بمحاولة قتله. يومها برّأت المحكمة فضل من تهمة محاولة القتل.
يحاول فضل منذ 5 سنوات العودة إلى الفن، يدرك أن حدوده المخيم إلى أن يسلم نفسه ويحظى بمحاكمة عادلة وحكم لا بد منه يقضيه في السجن، أو يخرج بتسوية، بعدها قد ينطلق في سوق الحفلات، وقد يبقى أسير الأغاني المنفردة، التي لم يحقق من خلالها الفنان سوى خيبات أمل، وحلم بنجومية أفلت منذ سنوات.