من زوايا النسيان: “مكوجي رجل” كوى القلوب وفرد الآهات.

 29 أبريل 2023
سامح محجوب – القاهرة

من حسن حظه وحظنا أنه ظهر في عصر يحتفي بالقيمة ويحفظ لأهلها حقهم في الوجود والفعل.
عاش أكثر من مئة عامٍ (1887-1995) قضى نصفها يعمل “مكوجي رجل” والحبُّ وحده كان سببًا مباشرًا في نقله من مصاف العاديين إلى مصاف آلهة الأولمب! حيث كان المكوجي البائس يضع رسائله الغرامية لحبيبته – التي كانت تعمل خادمة – في جيوب ملابس سيدها، ولحسن طالعهما، كان هذا السيد هو الشاعر العظيم مأمون الشناوي، والذي وقعت في يده -بالصدفة البحتة أثناء تفحصه لأحد جيوب قمصانه- إحدى هذه الرسائل العاطفية الملتهبة التي ستصبح فيما بعد واحدة من أجمل وأشهر الأغاني المصرية.

قرأ الشاعر مأمون الشناوي شعراً في منتهى الجمال، وطلب من خادمته إحضار المكوجي صاحب الرسالة على الفور ليسأله لمن هذه الكلمات، وما إن كان لها بقية؟ ليؤكد له المكوجي أنه صاحب الكلمات وأن لها بقية وأن لديه عشرات الأغاني مثلها!

وعلى الفور يستدعي مأمون الشناوي العبقري محمود الشريف-أول زوج لأم كلثوم – ليلحنها ويعرضها بدوره على المطرب- ذائع الصيت آنذاك- عبدالغني السيد لتصبح أغنية” عالحلوة والمرة مش كنا متعاهدين .. ليه تنسى بالمرة عشرة بقالها سنين” لتتحول بعد بثها في الإذاعة المصرية على الفور إلى إحدى أشهر الأغنيات العاطفية في التراث الغنائي المصري، وليتحول بعدها سيد مرسي من “الواد سيد المكوجي” إلى الشاعر الغنائي المعروف سيد مرسي الذي سيمدُّ الله في عمره ليعيش أكثر من مئة عام ويكتب مئات الأغاني لكبار مطربي مصر والوطن العربي، من مثل ( ردوا السلام، وشك ولا القمر ، أول وآخر حبيب، فاتت سنة، وحشتوني، اشتروني، خليك هنا خليك، ليالينا، احضنوا الأيام، والنبي وحشتنا، كله ماشي يا دنيا ماشي، خليكوا شاهدين) إلى آخر ما كتب الشاعر الكبير الذي يردد الناس أغانيه يومياً ولا يعرفون كاتبها .

قد يعجبك ايضا