أحمد محمد السح – كاتب وصحافي سوري
انتهت الأعمال الدرامية الرمضانية في مجملها، بعد أن رافقت أيام صومهم، وعبروا عن آرائهم تجاهها بكلام سهل عليهم ولا يتعبون فيه، وحتى المختصون أو من يدعون الاختصاص، انجروا وراء الكلمات السهلة، التي تعتمد الشخصي والعلاقات العامة في مجملها، ويبدو أن هذا حال الدنيا، التي لا تمشي وفق قوانين محددة وصارمة، كما كنا نتخيلها أيام المدرسة.
هذه الأعمال ورغم محاولات الاستجابة لآراء الناس حول عدم الاستهانة بالمرأة والتقليل من شأنها واعتبارها الخاصرة الضعيفة في العمل وابتكار الحدث، إلا أن العقل الجمعي يبدو أنه يغلب على ثقافة الكاتب مهما ارتكس إلى عكس ذلك، وموروث انهيار سلطة المرأة قديم قدم طوفان (أوتونوباشتم – نوح) وعليه لا يمكن خلال عشرين سنة من تقلبات النهضة الثقافية التلفزيونية أن تغير على هذا الموروث المتماسك، ويبدو أنه أكثر تماسكاً في عقول الكتاب الذين لديهم زلات خطيرة في موضوع التعاطي مع المرأة، فقد اعتبر أكثرهم واستجابة لحركات النسويات أن وجود امرأة متسلطة أو قوية أو ذات سلطة أو (قارحة) يسهم في تمكين المرأة وينصرها حتى على القوانين والأنظمة.
المطلوب هو تخليص المجتمع من فكرة إهانة المرأة والانتقاص منها بطمرها لا نبشها والاتكاء عليها
في أعمال البيئة الشامية ورغم تهرب الكتاب من مطبات (العيبة والحرام) ولكن أعمال الحلقات الثلاثين لم تجد حشواً سوى هذا، ففي مسلسل (زقاق الجن) للكاتب (محمد العاص) والمخرج (تامر اسحق) ورغم أن العمل جماهيري ومميز إلا أنه وقع في مطبات الذبح والقتل والعار والتخوين للمرأة رغم وجود مشاهد مناصرة لها بوضوح، ولم يتخلص من ثيمة الذبح وجرائم الشرف، لا بل قضى الكاتب حوالي أربع حلقات في ملاحقة كل أبطال المسلسل لـ(ملك) من أجل ذبحها لأن حبيبها كان يحفر الجدار، ليسمع صوتها، وتطلقت بوران فقط لأنها تناولت سطلاً من ابن الجيران، مع أن المطلوب هو تخليص المجتمع من هذه الفكرة بطمرها لا نبشها والاتكاء عليها.
وفي المطبً نفسه علق مسلسل (مربى العز) لكل من (علي معين صالح ورشا شربتجي) ودخل معلب الذبح والشرف من الحلقة الأولى، وتسبب بوقوع ضحية شرف في حلقته الثالثة مع انعدام وجود أي جدوى لهذا القتل البشع والمهين، وهي ضربة أخرى لمكانة المرأة، مع الملاحظة أن المخرجة امرأة.
وبمثله وقع المسلسل الأكثر جماهيرية (الزند) للكاتب (عمر أبو سعدة) والمخرج (سامر برقاوي)، رغم أنه مسلسل بيئة ريفية لا شامية، واستخدم لعبة الشرف وعرض المرأة ومسألة الذبح مرتين أو ثلاث مرات، من بينها قصة رغد أخت صالح وكيف تحولت إلى لعنة على زوجها عبد الرحمن، فقط لأن الباشا قال إن لديها وحمة على ساقها، ومثله ما حدث مع شخصية شمس التي فقدت عذريتها على يد عاصي الزند في طفولتهما وتحولت إلى عدو له بهدف الانتقام منه لهذا السبب، حتى أن العمل الذي قرر مناقشة قضية الدكتاتورية، ودخل الذي يعتبر معاصراً زمنياً وهو مسلسل (ابتسم أيها الجنرال) لكل من (سامر رضوان) مؤلفاً و(عروة محمد) مخرجاً افتتح لعبة الدكتاتورية كلها بأن رجلاً ادعى عبر حفل مفبرك أنه قضى وقتاً ممتعاً مع جميع نساء المسؤولين، وعليه فقد انتهك حرماتهم ومناصبهم، وربما هذه هي النقطة الأضعف في هذا العمل مع تعدد نقط الضعف، لأنه عمل يتكئ أيضاً على ثيمة تهميش المرأة واعتبار محرّمها الجنسي نقطة يمكن الاتكاء عليها في نسج صراع سلطة.
يمكن القول إن هذا الرأي سيلقى دعماً من النسويات أو تطبيلاً لهذه الحركات، ولكن الحقيقة تقول إن الخطة تكمن في عقل الكاتب أي عقل المجتمع، لأن الكاتب يختصر المجتمع بعقله، وطالما أنه ينظر إلى المرأة كآخر، يمكن استخدامه ذريعة أو مهنة أو تهمة أو وصمة، فلن يتم التخلص من هذه الذهنية على الإطلاق.