الخميس 4 مايو 2023
رحل الموسيقار إيلي شويري أمس الأربعاء، عن عمر يناهز الـ84 عاما، بعد أن غاب عن الأضواء طويلاً.
كان رحيل الفنان الملقب بـ”أبو الأناشيد الوطنية” المفاجىء مناسبة ليتذكّر اللبنانيون انّهم في زحمة انشغالهم بهمومهم اليومية نسوا الفنان الكبير، لم يسألوا عنه لا في المناسبات الفنية الكبرى، ولا حتى في المناسبات الوطنية التي يحتفى بها على إيقاع أغانيه.
آخر ظهور فني له كان في مهرجانات بعلبك عام 2016، حين سار على طريق الحرير مع فرقة كركلا.
على أدراج معبد باخوس كان الشويري يومها يسرح بفكره ويروي للحاضرين ذكريات أيام مضت، كان يتكىء على عصاه، تساعده الفنانة هدى حداد، لينزل على أدراج حفظها على مدار سنين، من أن وقف للمرة الأولى على أدراج معبد جوبيتر أمام الشحرورة صباح في مسرحية “دواليب الهوى” للأخوين رحباني. ولم ينس تصفيق الجمهور الذي استمر طويلا الأمر الذي فاجأ عاصي الرحباني نفسه يومها.
وفي بعلبك أيضاً، شارك في مسرحية “ناطورة المفاتيح” في صيف العام ١٩٧٢، روى أنّه يومها لم يستطع الخروج من الكواليس الى الخشبة لشدة تأثره بصوت فيروز في احدى المقاطع حيث انهمرت دموعه بطريقة غريبة، واستغرق دقائق لكي يستعيد السيطرة على نفسه. كان يلعب يومها دور “ديك المي”الذي قتل من اجل سلة لوز.
أما المرة الاخيرة التي وقف فيها امام الكبيرة فيروز بين هيكلي جوبيتر وباخوس فكانت في صيف العام 2006، في مسرحية “صح النوم” حين اندلعت حرب تموز، يومها سارعت طوافات للجيش اللبناني إلى إجلاء الفنانين من القلعة الأثرية إلى بيروت، وفي نهاية العام قدمت المسرحية في قاعة “بيال” وسط بيروت، ثم عادت بعدها بعام لتقدم في عمان، يومها حاول الإسرائيليون توريط شويري، من خلال مقابلة خال إنّه منحها لصحافي أجنبي ليقرأها في صحيفة إسرائيلية ويسارع إلى توضيح حقيقة ما حصل معه.
منذ بداياته الفنية ترجم شويري حبه للبنان بالأناشيد، بات بعضها بمرتبة النشيد الوطني مثل “بكتب اسمك يا بلادي”، التي ألّفها ولحّنها عام 1973، إلى جانب “صف العسكر” و”يا أهل الأرض” وأغنية “تعلا وتتعمر يا دار” التي غنتها صباح و”أيام اللولو” بصوت الشحرورة وسميرة توفيق. وفي العام 2000 مع تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، أطلق نشيد “وحدك يا جنوب بترجع مجد العرب” الذي بات نشيد التحرير الذي لا تخلو منه مناسبة جنوبية.
شارك شويري مع الأخوين رحباني في أكثر من 25 عملاً، وأُسندَ إليه دور “فضلو” في مسرحية “بياع الخواتم” إلى جانب السيدة فيروز عام 1964، وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه المخرج يوسف شاهين في العام التالي.
سطور في حياة الفنان الكبير
وُلد إيلي شويري في بيروت في 27 ديسمبر عام 1939، في العصر الذهبي للفن، حيث عاصر محمد عبدالوهاب وأم كلثوم ورياض السنباطي وعبدالحليم حافظ وكارم محمود ومحمد عبدالمطلب وكان رفيق درب فيروز وصباح ووديع الصافي.
انطلاقته الحقيقية في عالم الفن بدأت من أروقة الإذاعة الكويتية عام 1960، حيث دعاه صديق إلى الكويت وكان في العشرين من عمره، فجمعته الصدفة بالملحن الكويتي الراحل عوض الدوخي الذي راح يشجعه على تعلم العزف على العود مع زميل له يدعى مرسي الحريري، وهو ملحن مصري كفيف.
في منتصف عام 1962 وصلت إلى الكويت فرقة “الأنوار” اللبنانية ضمن جولة فنية كانت تقوم بها، وكانت تتألف من عدة مطربين لبنانيين بينهم وديع الصافي وسعاد الهاشم وزكي ناصيف وتوفيق الباشا، فاستيقظ الحنين في نفس إيلي وقرر العودة إلى بلاده بعدما حضر عرضا للفرقة، مزودا برسالة من أحد الأصدقاء في الكويت تطلب من موسيقي لبناني يدعى جوزيف شمعة ويعيش في لبنان دعم موهبة إيلي.
وأصبح إيلي عضوا في فرقة كورال تضمه إلى شمعة ونيقولا الديك، فكان من ضمن الفريق المرافق لعدد من الفنانين بينهم فهد بلان ونزهة يونس.