تفاصيل الادّعاء على ستيفاني صليبا وحاكم مصرف لبنان بشبهة تبييض أموال

الخميس 11 مايو 2023
خاص “نص خبر”
بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على توقيفها وإخلاء سبيلها، تواجه الممثلة اللبنانية ستيفاني صليبا ادعاءً جديداً من القضاء اللبناني، مع صدور مذكّرة توقيف بحقّها.
فقد ادّعت القاضية غادة عون اليوم الخميس، على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وزوجته ندى، وعلى ستيفاني صليبا التي اعترفت خلال التحقيق معها بأنها كان على علاقة عاطفية بسلامة، وشمل الادعاء أيضاً بنك لبنان والخليج، بشبهات تبييض الأموال والإثراء غير المشروع وعدم التعاون مع التحقيق.
وطلبت القاضية عون إصدار مذكرات توقيف بحقّ المدّعى عليهم، مع العلم أنّ سلامة سيمثل أمام القضاء الفرنسي في الجلسة المقرّرة الإثنين 16 مايو الجاري.


وفي اتصال معه، أكّد مصدر قضائي لـ”نص خبر” أنّ القاضية عون استندت في قرار توقيف المدّعى عليهم إلى نتائج التدقيق بالأوراق والمستندات التي كانت قد حصلت عليها من منزل حاكم مصرف لبنان الذي داهمته أواخر العام الماضي، إذ تبيّن لعون أن سلامة يعيش حياةً مرفهة وقد خصّص لزوجته التي انفصل عنها راتباً شهرياً قدره 35 ألف دولار، في حين أن راتبه كحاكم مصرف لبنان 25 ألف دولار. وهو ما اعترف به خلال جلسة تحقيق سابقة معه.
أما الادعاء على الممثلة صليبا بجرم المشاركة بتبييض الأموال، فجاء بسبب عدم تمكّنها من تبرير حصولها على الأملاك والشقق السكنية المسجّلة باسمها والأموال التي قامت بتحويلها إلى الخارج، واعترافها بتلقي الكثير من الهدايا من الحاكم.
كما ادّعت عون على بنك لبنان والخليج لعدم تلبيته طلب رفع السرية المصرفية عن أحد حسابات زوجة سلامة التي كانت مصدر معلومات مهم بالنسبة إلى القاضية، بعد أن قامت بتهديم الهيكل على رأس زوجها والفنانة بهدف الانتقام منهما.

تفاصيل القضيّة
في 8 كانون أول/ديسمبر الماضي، أصدرت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، القاضية غادة عون، مذكرة بحث وتحرّ بحق الممثلة ستيفاني صليبا بناءً على التحقيقات اللبنانية والأوروبية التي تجري في ملف اختلاس وتبيض وسرقة أموال المتهم فيه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتمّ تعميم المذكرة على الأجهزة الأمنية.
وحالت يومها تدخلات سياسية على مستوى رفيع، وخصوصاً من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، دون توقيف صليبا لدى وصولها إلى مطار بيروت.
وكانت المذكرة قد عُمّمت قبل أيام على الضابطة العدلية، وتم على أساسها محاولة توقيف الأمن العام لصليبا لدى عودتها من الخارج مساء الأربعاء 7 ديسمبر، «لوجود إشارة استوجبت مراجعة القضاء». وقد بقيت صليبا في المطار حتى الفجر، بالتزامن مع اتصالات وتدخلات سياسية أبرزها، بحسب الصحيفة، لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وأدّت الاتصالات إلى تركها فجراً بطلب من النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم الذي أشار بسحب مستنداتها ووجوب مراجعته خلال 48 ساعة.
وأوضحت القاضية عون في تصريحات لها مع تسريب القضيّة إعلامياً، أن المذكرة التي أصدرتها كانت للتحقيق في مصدر الهدايا الباهظة التي تتلقاها صليبا، كما أكّدت أنه ليس من صلاحية القاضي إبراهيم الحلول مكانها وإطلاق سراح صليبا، مشيرة إلى أنها ستتقدّم بشكوى بحقه لدى التفتيش ولدى مدعي عام التمييز غسان عويدات. مع العلم أن القاضيين تابعان لطرفين سياسيين خصمين، ولدى كل منهما تاريخ في مناكفة خصومه من القضاة.
وبعد نشر الخبر، وما أثاره من ردود فعل غاضبة، أصدر مكتب الرئيس ميقاتي بياناً، نفى فيه أن يكون قد تدخّل للإفراج عن صليبا.

توقيف صليبا في مطار بيروت
وأثار ترك صليبا في شهر ديسمبر في المطار دون توقيفها ردود فعل غاضبة، الأمر الذي دفع بالمديرية العامة للأمن العام اللبناني إلى إصدار بيان شرحت فيها ملابسات ما حصل مع الممثلة في المطار.
وجاء في البيان أنه لدى وصول صليبا إلى المطار، وأثناء الاستعلام العدلي عنها تبين أن في حقها “بلاغ بحث وتحر بجرم تبييض أموال، وأنّ برقية بلاغ البحث والتحري، لم يُذكر فيها اسم القاضي أو النيابة العامة، الواجب مراجعته عند توقيف صاحبة العلاقة.
وأكد البيان أنّه تم التحقيق مع صليبا في شعبة التحقيق في دائرة أمن عام المطار حسب الاصول، وتمت مراجعة المدعي العام المالي الذي أشار “بترك صاحبة العلاقة رهن التحقيق، وسحب جواز سفرها اللبناني بموجب إيصال، ومراجعة قلم النيابة العامة المالية خلال ٤٨ ساعة وعدم كف التدبير”.

قضية رأي عام
تحوّلت قضية ستيفاني صليبا إلى قضية رأي عام في لبنان، نفض السياسيون يدهم منها، خصوصاً بعد أن تبيّن أن معظم المعلومات التي تدين الممثلة، حصل عليها القضاء اللبناني من ندى سلامة، زوجة حاكم مصرف لبنان، التي ذكرت في التحقيق معها تفاصيل تدين زوجها ومعه صليبا.
وفي التحقيق معها، اعترفت صليبا باكيةً أمام المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون يوم 9 ديسمير، أنها تعرّفت إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أثناء سفرهما في الدرجة الأولى على متن الطائرة نفسها.
وقالت صليبا خلال التحقيق معها أنها هي بادرت إلى التقرب منه، وتبادلا أرقام الهواتف حيث بدأت بالاتصال به بين حينٍ وآخر، ثم توطّدت علاقتهما واعترفت صليبا أنها تحوّلت إلى «علاقة حبّ».

ممتلكات صليبا
ووفق التحقيقات، تبيّن أن صليبا تمتلك 5عقارات مسجّلة باسمها في مناطق المدور في بيروت وفي منطقتي العطشانة وغزير.
كما تبيّن أنّها تُقيم في شقة مطلّة على البحر في منطقة «زيتونة باي» يُقدر إيجارها الشهري بـ25 ألف دولار، وهي الشقة التي نشرت صورها بعد انفجار مرفأ بيروت في صيف 2020 لتوضح حجم الأضرار التي لحقتها، يومها أثيرت تساؤلات من عيار “من أين لك هذا؟”، خصوصاً أن صليبا لا تنتمي إلى عائلة ثرية، وعملها في الفن بأعمال محدودة جداً لا يدر عليها كل هذه الثروات.
وبالتزامن مع التحقيق معها، نشرت صحف لبنانية أخباراً مفادها أن صليبا قامت بتحويل نحو نصف مليون دولار من أحد المصارف في بيروت إلى حسابها خارج لبنان، بعد ثورة 17 تشرين الأول 2019، بقرار من حاكم المصرف المركزي في نفس الوقت الذي كانت المصارف فيه مقفلة بسبب الثورة، وكان يمنع على المودعين سحب أموالهم حتى للضرورة القصوى.
ولم تنتهِ التحقيقات مع صليبا بعد، رغم أن المتابعين للقضية لا يتوقعون منها الكثير، خصوصاً أنّ القاضية عون وجهت طلباً إلى هيئة التحقيق الخاصة لرفع السرية المصرفية عن حسابات الممثلة، علماً أن من يرأس هذه الهيئة هوحاكم مصرف لبنان رياض سلامة نفسه.

زوجة حاكم مصرف لبنان
وكانت القاضية قد استمعت إلى ندى سلامة، زوجة حاكم المصرف التي انفصلت عنه منذ مدة، بعد دهم منزلهما الزوجي السابق، ومصادرة أوراق خاصة من بينها رسائل من سلامة إلى زوجها تتهمه فيها بصرف أموال طائلة على صليبا.
وبناءً عليه، اعترفت سلامة أنّ ثمة علاقة تربط زوجها بالممثلة اللبنانية، وأنّه سهّل حصول صليبا على قرضين مصرفيين لشراء منزلين في بيروت وفي قريتها. كما لمّحت إلى احتمال أن يكون زوجها قد استخدم صليبا في عمليات تبييض أموال.
وإثر الاستماع إلى ندى سلامة، أصدرت بلاغ البحث والتحري في حق صليبا، للاشتباه في ارتكابها جرم تبييض الأموال والتدخّل في جرم الإثراء غير المشروع، بعد استكمال التحقيقات في ملف مرتبط بحاكم المصرف المركزي.
مصادر حاكم مصرف لبنان، تؤكد أنّ هذا الأخير انفصل منذ سنوات عن زوجته، وأنّ علاقته بصليبا لم تكن سرية، وأنّها ربما تكون قد استفادت مثل سائر المواطنين اللبنانيين من قروض مصرفية إلا أنها سددتها بالكامل، نافياً أن يكون القضاء اللبناني قد أثبت تورط صليبا بعمليات تبييض أموال.

من هي ستيفاني صليبا؟
في خريف العام 2016، اقتحمت ستيفاني صليبا عالم التمثيل، أعطيت دور بطولة مطلقة من دون أي تحضير مسبق، بعد سنوات قليلة قضتها في تقديم برنامج “أغاني أغاني” على شاشة MTV اللبنانية، لم يلمع نجمها في عالم التقديم، أما في التمثيل فقد اختلفت الآراء حولها.
“متل القمر” كان المسلسل الذي غامر المنتج مروان حداد بتسليم دور البطولة فيه إلى شابة لم يسبق لها أن مثلت من قبل، راهن عليها مؤكداً في أكثر من حوار له أنها ستكون نجمة المستقبل، يومها دارت همسات في الوسط الفني والصحفي أنّ هذه الفتاة تحظى بدعم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي يحمله اللبنانيون اليوم مسؤولية انهيار العملة المحلية، وإفلاس القطاع المصرفي، وسرقة ودائعهم في المصارف.
لم يكن سلامة يومها مغضوباً عليه، بل كان يحظى باحترام اللبنانيين بعد أن تمكن فور انتهاء الحرب الأهلية في مطلع التسعينيات من لجم تدهور الليرة اللبنانية ومن النهوض بالاقتصاد اللبناني، ومن نيل جوائز عالمية لإنجازاته التي وصلت أصداؤها إلى المحافل الدولية، كانت قصة سلامة يومها قصة نجاح وإنجازات تروى وتؤخذ منها العبر، قبل أن تندلع ثروة 17 تشرين عام 2019، بسبب الأوضاع الاقتصادية المزرية في لبنان، ليستفيق بعدها اللبنانيون على انهيار الليرة، وعلى قرارت من حاكم المصرف سمحت للمقربين منه بتهريب أموالهم من مصارف لبنان إلى الخارج، مقابل حجز أموال المودعين في المصارف.
في خضم تلك الأجواء المتلبدة، وقبل اندلاع الثورة بأيام، عاد اسم ستيفاني صليبا إلى الأضواء، بعد ظهورها في جلسة تصوير لمجلة لبنانية بأزياء تزينها الليرة تحت شعار “ليرتنا قوتنا”، قالت وقتها إنها كانت تهدف من خلالها إلى دعم العملة المحلية، إلا أنّ صدور العدد مع اندلاع التظاهرات كان له ردّات فعل سلبية واعتبرت حركة ستيفاني استفزازية، سيّما وأنّها لم تشارك في التظاهرات التي كان المستهدف الأوّل فيها حاكم مصرف لبنان.
رغم القضايا التي رفعت ضدّه داخل وخارج لبنان، لا يزال رياض سلامة في منصبه لأسباب تتعلّق بالتركيبة السياسية اللبنانية، وهو ما جعل من ستيفاني صليبا أشبه بكبش محرقة، حين احتجزت للتحقيق معها، بتهمة تلقي هدايا من الحاكم، تطوّرت بعدها إلى اشتباه قيامها بغسيل أموال.


صليبا ترفض التعليق
“نص خبر” حاول الاتصال بصليبا إلا أن خطوطها كانت مغلقة كذلك رفض المقربون منها التعليق على القضية، بانتظار ما ستؤول إليه التحقيقات، إلا أنّهم أكدوا أن الممثلة مطمئنة، وأن ليس ثمة ما يدينها، وأنّ الأمور كلها بدأت بعد جلسة عقدتها القاضية غادة عون مع زوجة الحاكم ندى سلامة، التي أدلت بمعلومات لا توجد أي إثباتات قانونية لها، وأنّ التحقيقات ستنصف صليبا.
صليبا تعتبر نفسها اليوم كبش محرقة استغلها بعض خصوم سلامة للانتقام منه، في حين أنّ الرأي العام اللبناني يضغط في اتجاه محاكمتها والحجز على أموالها، التي حوّلها لها الحاكم من أموال المودعين المحجوزة في المصارف اللبنانية منذ خريف العام 2019.

قد يعجبك ايضا