20 مايو 2023
حاوره: هاني نديم
أجود المجبل في ضيافة منصتنا بكامل شعره العظيم، إنه أحد أكبر شعراء وقتنا الحالي، أقول هذا وأنا بكامل مسؤوليتي الصحافية والحيادية، ولأن المعاصرة حجاب كما قال السلف، فإنني أؤكد على هذا، إذ أن التاريخ قلما ينصف الأحياء، هنا وعلى عجالة أضيء مع أجود بعض النقاط التي أتساءل عليها بيني وبين نفسي.
سألته:
- تكتب العمود الحداثي إن صح المصطلح، ونشهد دخول شعراء شباب إلى هذا المقتحم، برأيك ما سر عودة العمود بقوة اليوم، وما رأيك بالأشكال عموما؟
– بداية أنا ليس عندي عقدة من الأشكال الشعرية، فأنا أكتبها جميعاً، وبرأيي أن الشعر كائن أسطوري عملاق وهو أكبر من أن يسكن في شكل محدد، لذلك هو يفضل السكن في العراء المطلق، أما هذه الأشكال الشعرية فهي تمظهرات زائلة، والذي يبقى هو روح الشعر الخلّاقة، أما الشعر بشكله العمودي أو نظام الشطرين الذي أحب أن أكتب فيه وذلك يرجع لعدة أسباب منها عشقي للموسيقا وهو يحتوي على موسيقا القافية وموسيقا البحر الشعري، كما أن الشعر العمودي ذو جمهور كبير وهذا يساعد كثيرا في إيصال البرقيات السريعة للشعر، وهناك سبب آخر يجعلني أفضّل الكتابة في هذا الشكل الشعري وهو الهجوم الذي شنّه عليه النظّامون والمرتزقة الذين يكتبون هراءهم بالوزن والقافية ويسمّونه شعرا، وشعوري بالمسؤولية كوني واحدا من ورثة الشعر العربي هذا الكائن الجميل جعلني أتبنى مهمة الدفاع عنه بالكتابة.
هناك مفارقة مدهشة، إذ كلّما ساءت الأوضاع في العراق وكلّما عمّ الخراب ازدهر الشعر
- كيف هو المشهد الشعري العراقي والعربي، ما هي تفاصيله التي لا نعلمها؟
– المشهد الشعري العراقي بخير كالعادة أجيال شابة ظهرت وتظهر دائما لتحمل شعلة الشعر المقدسة العراق مذخر عملاق للشعراء الحياتيين هناك مفارقة مدهشة في الأمر، إذ كلّما ساءت الأوضاع في العراق وكلّما عمّ الخراب ازدهر الشعر! أما المشهد الشعري العربي فهو واسع ومثير، شعراء اليمن في مقدمته فهم يصنعون إلياذات عربية بالغة الأهمية. إلى جانب الشعراء العرب وأكثرهم من الشباب ومن جميع البلدان العربية يشتغلون بدأب ويضيفون أشياءً جديدة لجسد الشعر.

المشهد الشعري العربي واسع ومثير، شعراء اليمن في مقدمته فهم يصنعون إلياذات عربية بالغة الأهمية.
- كيف بدأت رحلتك مع الشعر وأي مفترق حقيقي غير مسيرتك وإلى أين المسير؟
– رحلتي مع الشعر بدأت منذ أعوام اليفاعة الأولى وبعمر الثالثة عشر تقريباً، فقد كنت مشغوفا بقراءة الشعر الذي أجده في مجلات الأطفال والكتب المدرسية وتفاقم هذا الشغف إلى حد كتابة أول قصيدة لي بعمر الخامسة عشر ، وقد اكتشفت لاحقا أن القصيدة سليمة نحواً وصرفاً وعروضا، واكتشفت أيضا أنها على بحر الهزج لأنني كنت متأثرا بقصيدة (صفحنا عن بني ذهل) للشاعر الجاهلي الفِند الزمّاني. كان تأريخ كتابة القصيدة الأولى هو عام 1973، وما زالت الرحلة مستمرة.
أما المفترق المهم في هذه المسيرة فهو سفري إلى سورية في نهاية عام 1998 وزياراتي المتكررة لاتحاد الكتاب العرب في دمشق ولقائي بالصديقين الشاعرين عبد القادر الحصني وحسين حموي وكنت قد تعرفت عليهما قبل مدة قصيرة في بغداد حين قدما مَدعوَّينِ لمهرجان المربد في ذلك العام . كما تعرفت على د. علي عقلة عرسان ود. وليد مشوّح والروائي حسن حميد والراحلَينِ شوقي بغدادي وميخائيل عيد وأخذت أنشر قصائدي في الأسبوع الأدبي وكذلك جريدة الثورة الدمشقية عن طريق الصديق مفيد خنسة. وذات يوم اقترح عليَّ الصديق الشاعر عبد القادر الحصني أن أطبع ديواني الأول في اتحاد الكتاب العرب وهذا ما حدث بالفعل حين قدمت لهم المخطوطة وتمت الموافقة عليها بالإجماع من قِبَل الخبراء وخرج ديوان (رحلة الولد السومري) من المطبعة عام 2000 لن أنسى أبدا محبة السوريين واحتضانهم للعراقيين الذين سحقهم الحصار وأغلقت بوجوههم الأبواب . أما سؤال إلى أين المسير؟ فجوابه صعب وأنا شخصيا لا أعرف كل ما أعرفه هو أنه يجب أن أستمر بكتابة الشعر دفاعا عن الإنسان المقهور حيثما وُجِد.
لن أنسى أبدا محبة السوريين واحتضانهم للعراقيين الذين سحقهم الحصار وأغلقت بوجوههم الأبواب